شهوانية الرسول أم قلب المرأة؟

من المسائل العجيبة التي يثيرها بعض غير المسلمين مسألة شهوانية الرسول! فيقولون أن محمدا كان شهوانيا لا يستطيع التحكم في شهواته, ومن ثم كان يكثر من النكح بأي وسيلة استجابة لشهواته!

ومن السهل لأي إنسان أن يقتطع من أقوال أي إنسان أو أفعاله ما يشاء ثم يخرج من هذا الاقتطاع بما يشاء!
وهؤلاء الذين يقولون بهذا القول ينسون كيف كانت حياة الرسول وكيف كان التوجيه الرباني لأزواج النبي اللاتي طلبن الاستزادة من متع الحياة الدنيا! ويتناسون الأسباب التي دعت الرسول للزواج من هؤلاء النسوة كبيرات السن غالباً!

ولقد تفضل العلماء بالرد على هذه الدعوى المتهافتة سابقاً وبينوا بكل سهولة كيف أنها اقتطاع متعمد واضح من باب “ولا تقربوا الصلاة”, وإنما نريد أن نعرض للمسألة من زاوية أخرى, وهي زاوية: النساء!

فالذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو أنني قابلت في أكثر من مجموعة للملحدين في مواقع التواصل الاجتماعي, من يسخر من قول الله العليم:
“يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 50]”

فيقولون أن محمد لم يكتف بالزوجات وإنما فتح لنفسه باب الهبات, لكي يطأ من النساء ما يشاء! وجعل هذا ديناً في كتابه الذي يؤلفه!

فننظر للموضوع من زاوية أخرى فنقول:
في زماننا هذا والذي أصبح الإعلام يركز الأضواء فيه على أشخاص بأعينهم, ممثلين .. رياضيين .. مغنيين الخ, رأينا كيف تتهافت النساء عليهن, وكيف تريد كثير من النساء أن تصبح أزواجاً لهم, وربما ترغب بعض الفاسدات في مجرد علاقة!

وهؤلاء الأشخاص ليس فيهم كأشخاص ما يميزهم إلا التسليط الإعلامي .. والمال, وربما بعض الوسامة! وبسببها تهافتت النساء التافهات عليهم!

وفي كل زمان ومكان تبحث المرأة عن “رجل الأحلام”, ليس ذلك الفتى الناعم, وإنما ذلك الرجل الذي يقدرها ويحنو عليها ويتفهمها, رجل مستقيم ملتزم خلوق, فإذا اجتمع في هذا الرجل كذلك الحسب والنسب والمنصب –الدنيوي- كان حلماً عزيزا لكل امرأة أن يصبح ذلك الرجل زوجاً لها! وبطبيعة الحال لا يوجد مثل هذا الرجل وإنما يوجد في أحسن الأحوال رجل ذو سمات حسنة كثيرة وأخرى سيئة قليلة, فترضى النساء به.

ولنا أن نتخيل حال النساء في زمان الرسول الأعظم, في مجتمع جاهلي يهين المرأة, عندما وجدن أمامهن الصورة الكاملة والنموذج الفريد للرجل! رجل كامل لا ينقصه شيء بمعنى الكلمة, كامل الأوصاف! ذو قلب سليم حنون كبير .. قوي!
لذا فأنا متأكد من أن هناك نساء كثيرات كن يحلمن بالرسول زوجاً لهن –رغما عن أن كتب التاريخ لم تذكر هذا وما كانت لتذكره لأن كاتبيها كانوا لا يرون الحب مما ينبغي ذكره في كتبهم, بل وربما يعتبرونه انتقاصا لأخلاق الصحابيات أو لعفتهن!-.

ولم يقتصر الأمر على التمني وإنما حدث بالفعل أن تجرأت بعض النساء وذهبن يهبن أنفسهن للرسول ليغتنمن هذه الفرصة الهائلة أن يكن أزواجا للرجل الكامل –وإن كان لهن فيه شريكات- وفي عين الوقت يكن أزواجا للنبي!

ومقابل هذا الفعل من بعض النساء نزل التشريع الرباني ليبيح هذا للنبي كحالة استثنائية! لأنه بالفعل كان حالة استثنائية! رأفة ورحمة ومراعاة لقلوب النساء بالمقام الأول .. فالمشاعر الإنسانية النقية مما يجب مراعاته وليس الخجل منه ومداراته.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

في توالد المفردات في البدء كان “الاسم”

في مقالين سابقين تحدثت عن نشأة “التسمية”, أي كيف تم إعطاء دوال للمدلولات, فلم تعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.