لا ينظر إلى صوركم .. ولكن ينظر إلى أسماءكم!!!!

“إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ”
حديث شامل من أحاديث الرسول –رواه مسلم عن أبي هريرة- متوافق مع روح القرآن ونصوصه, نكرره جميعاً في مواقف مختلفة, ولكننا وبكل أسف لم نتخلق به, ولم نبصر ما دلالات مثل ذاك القول!
فلا نزال ننظر إلى الصور وإلى الأموال, وبهما نقيم الإنسان!
فلا يزال

ابن بشرتنا أقرب إلينا من ذاك الغريب الأحمر أو الأصفر أو الأبيض
والأنيق المتزين أرغب إلينا من عادي الثياب أو رخيصها!
والجميلة والفاتنة أحب إلينا من العادية والقبيحة .. ولها نتلطف ونلين في الكلام!
والثري نحن ألصق به وأخدم له من الفقير المحتاج!

فلا نزال نقيم الناس بآبائهم وثرواتهم وهيئاتهم!
وقليل منا .. نادرٌ أولئك الذين يستطيعون تجاوز الصورة والنظر إلى الجوهر ..
الذي يستطيعون رؤية القلب … وإبصار الروح ..
وتبعاً للقلب والروح والجوهر يقتربون من الإنسان أو يبتعدون,
ويتلطفون ويلينون, ويحبون وينفرون,
وبالأعمال على الشخص يحكمون, وبأفعاله يُقيمون!
هكذا كان سيدنا “القلب الأعظم” .. الرسول!
فهل نحن به مقتدون أم بحكم الجاهلية متمسكون؟!

ولمن يسأل فيقول: كيف نرى القلوب والجواهر, فهي متوارية مكنونة؟
أقول:
من عمل الإنسان تعرف قلبه .. من نظراته تدرك روحه!
دعك من معسول الكلام, فأكثرنا يجيد تقليبه وتلوينه!
وأكثر الكلام لغو أو كذب أو عبث وتبرير!
إنما الفعل هو الدليل والبرهان, فاحكم على الناس بأفعالهم!
إلى ما يسعى وماذا يطلب وكيف يتعامل مع الناس!

هذا في التخلق, أما الدلالات, فأقول:
كلنا يقول أن الله يحكم على العباد تبعاً لقلوبهم وأعمالهم, -وليس القلوب فقط- وليس تبعاً للصور والأموال!
وبالتأكيد كذلك ليس تبعاً للأسماء!
فلا يعني أن إنساناً يحمل “اسم” (مسلم) أنه يكون عند الله أفضل من غيره!
وأنه مهما فعل فهو في نهاية المطاف من الفائزين ومن أصحاب الجنان!
وأن غيره لا يحمل هذا الاسم أنه عند الله حتماً مبغوض!
وأنه مهما فعل وما كان قلبه طيباً نقيا فهو في نهاية المطاف من أصحاب النيران!
فليس كل من لم يحمل اسم (مسلم) داعر منحل فاسق معرض طالب للدنيا مقبل منكب على الشهوات!
فهناك منهم من لم يسمع عن الإسلام إلا سماعا مشوها
ورأى من أفعالنا ما يدفعه لتصديق ما سمع وما قرأ!!
وهناك من بحث وطلب الحق ولكنه لم يصل إلى الإسلام!
ووصل إلى أفكار أو مذاهب أخرى!

فهل يصدق في مثل هؤلاء حديث رسول الله الآخر –الذي رواه البخاري عن عمرو بن العاص-: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ”؟
أعتقد والله أعلم أنه يصدق فيهم

فعلى الإنسان طلب الحق, وهو مسئول عن طلبه, ولكنه ليس محاسباً إن لم يصل, وكما قيل:
عليك السعي وليس عليك إدراك النجاح.

ونضع الصورة من زاوية أخرى للقارئ ونترك له عليها الحكم تبعاً للحديث, وتبعاً لظنه بالله, فنقول:
3 أشخاص:
وُلد أحدهم في بلد يدين أهلها بالإسلام, فقال مثلهم تقليداً لهم –بلسانه- أنه مسلم, ولم يبحث إذا كان دينه هذا حق أم باطل, ثم كانت كل أو جل أفعاله مخالفة لهذا الدين!

وولد الثاني في بلد يدين أهلها بالمسيحية أو البوذية أو غيرها, فقال مثلهم بلسانه, ولم يبحث إذا كان دينه حق أو باطل, وكانت أعماله حسنة.


وولد الآخر في بلد يدين أهلها بأي دين, ولكنه رأى في هذا الدين عوج, ولم يقتنع به, فأخذ يبحث عن الدين الحق, حتى وصل إلى قناعة ما بدين ما, أو رأى أن الأديان باطلة ولم يعرف كيف يتواصل مع خالقه! وكان جل عمله صالحا, فلا يغش ولا يخدع ولا يظلم!

كيف ترى أن الله الحكيم الرحيم الحق المبين سيجازي هؤلاء الأشخاص تبعاً لنظره إلى القلوب والأعمال؟!

أعتقد أن النظرة إلى المسلم باعتباره ناجٍ لمجرد اسم وإلى غير المسلم لمجرد الاسم نظرة لا تتفق مع عدل الله!!
والله أعلى وأعدل!

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الإنسان ليس مجبرا

جاءني سؤال يقول:هل الانسان مجبر عن البحث عن حقيقة الكون والغاية من الحياة، فقد يقول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.