أبوك وأمك السبب!
بين فاعلية ومفعولية الإنسان.
رغما عن أن جل الفلسفات الغربية المعاصرة تقوم على فاعلية الإنسان وحريته! واختياره. وأن الحرية هي معنى الحياة وغايتها .. الخ
إلا أن كثيراً من “النظريات العلمية” الناتجة عنها .. أتت بنتائج مخالفة لهذا التصور!
فوجدنا تياراً ينفي “الإرادة” عن الإنسان ويزعم أن الإنسان ليس هو من يختار أو يقرر في الحقيقة .. وإن كان يظن أنه يفعل!!
وأن الجينات هي من تقرر وتختار في الواقع!
(ومن ثم فالإنسان غير مسئول عن الأفعال التي يقول بها)
وفي علم النفس وجدنا كذلك من يضخم دور الآباء في مرحلة التربية الأولى (والذي لا ننكره يقينا) .. ومن ثم يجعل “الإساءات” الأبوية للأبناء هي “السبب” -وربما: المسئولة- عن كثيرٍ من الأفعال التي يأتي بها الإنسان في كِبره!! وكذلك عن الأزمات النفسية التي يمر بها!
وهناك من يُحمل المجتمع المسئولية ووو
وهكذا وصل الحال إلى أن كثيراً من التيارات أصبحت تقول للإنسان:
أنت لست مسئولاً عن أفعالك .. أنت لست سيئا .. أنت ضحية كذا وكذا!
وهكذا بدأ يترسخ لدى نسبة من الجيل الجديد أنهم فعلاً ضحايا وأن “الآخرين” هم من:
“جعلوني مجرما”
وهكذا خرج العلم بنتائج تخالف الفلسفة التي انطلق منها!
قد يقول قائل: ولكنك يا هر عمرو تتبنى في فلسفتك التسييقية التصور الذي يقول ب:
مفعولية الإنسان
(والذي يعني أن الإنسان الفرد طيلة حياته مفعول به أكثر مما هو فاعل)
فهل تتفق معهم فيما يقولون؟
أقول: نعم أنا أقول بالمفعولية، ولكني في عين الوقت لا أنفي المسئولية،
وذلك لأن نطاق اختيار الإنسان في حياته أصلا محدود، فالإنسان في الأعم الغالب لا يُنشئ اختيارات، وإنما هو يختار بين اختيارات محددة مسبقاً ..
وهذا من الرحمة بالإنسان ألا يتسع كم وكيف اختياره!
وهو وإن كان مفعولاً به كثيراً .. إلا أن هذا لا ينفي أنه هو من يقرر بعقله (وليس الجينات)
وكذلك لا تعني المفعولية أن عليه القبول بها والتماهي معها في الأعم الغالب لأقصى حد، وإنما عليه أن يرفض المفعولية أحيانا وأن يتجاوز آثارها في أحيان أخرى
سواء على مستوى أخطائه هو التي ارتكبها، فيحاول أن يقاوم نفسه حتى لا يقع فيها مرة أخرى
وكذلك على مستوى آثار أفعال الآخرين تجاهه .. سواء والديه أو أصدقائه أو حتى أعداءه.
فعليه أن يوطن نفسه على التسامح مع من يستحقون التسامح منهم .. والتسامح خطوة كبيرة في محو آثار الأفعال المسيئة
أو أن يعمل على تقوية “نفسه” وعندما تصبح “ذاته” أقوى ستستطيع هي أن تشفي آثار الجروح النفسية..
الشاهد:
نعم أنت مفعول بك غالباً .. ولكن لا يعني هذا أن تتنصل من مسئولياتك وتلقيها على الآخرين أو أن تدمن الندب والنواح
وإنما تتقوى لتحسن تحمل أدوارك .. ولتقلل من نسبة مفعوليتك وتزيد من نسبة فاعليتك
حول مفعوليةالإنسان
حول التبرؤمن_المسئولية
الفلسفة التسييقية