إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى

أي ربنا القريب
يا حق الحقيقة
كل العباد إليك سائرون
طوعا وكرها إياك لاقون
في ذاك اليوم العظيم مجموعون
في يوم الحسرة بعضهم نادمون
على سوء الفعل وبؤس الظنون
يرجون ندامى إلى الدنيا الرجوع
علهم يحسنون صنعا ولا يكون

سبحانك سبحانك سبحانك
ما أبدع قدرك وما أعظم شانك
بصرتنا فرضينا بالعمى
نطلب النجاة فيما فيه الهلاك
نتقدم في الدنيا فنرجع
ونوغل فيها فعنها نبعد
نتلبس بها فنزداد عنها فرقة
تبعدنا فنزداد لها قربا
ونفر سراعا من نجاة ومفازا

أي ربي
تلاشت الآخرة عندهم فصارت سرابا
لا ينظرونها ولا يرجون حسابا
نسوا مقام ربهم والكتاب
ونعيم دار سلام والعذاب
باعوا ما هو خير وأبقى
ورضوا بالبخيس وما هو أدنى
بالرخيص شروا النفيس الغالي
مضيعين أيامهم والليالي
اتخذوا لقياك ظهريا
مقبلين على الدنيا الدنية

فيا ربنا يا سريع الحساب
الآخرة أضحت عند العباد مؤخرة
والأولى مزينة مبرزة مقدمة
سراب الدنيا أمام العيون ملمع
وحقيقة الآخرة باتت مبغضة
إذا ذُكرت يضحكون ويسخرون
وبمن آمن بها يتغامزون
تشي ألسنتهم بما هو مكنون
وتفضح الأفئدة نظرات العيون

فيا ربنا الحليم
سقى الشيطان العباد الكؤوس
فأصم الآذان وقلب الرؤوس
فعظموا الإنسان ونسوا الديان
الرب المحيط الواسع الرحمن
فالبعث والحشر والرجعى ظنون
أتحدث غدا أم لا تكون؟!
متبعين الهوى ميالين للفجور
غافلين عن بعث بعد القبور
عن ساعة قد اقتربت
وعن جزاءات قد كُتبت
إما إلى رضوان في دار نعيم
وإما إلى سخط وعذاب مقيم

فيا سميع الدعاء
اجعل لقياك أمام عيوننا
والرجعى إليك في صميم نفوسنا
وأوقد في القلب شوقا إلى لقياك
يُنسي العبد كل ما سواك
وهيّج إلى الآخرة أفئدتنا
فنصلح بها جل أعمالنا
فترضى بها يا رب عنا
وتهب لنا بالرضوان منة
وتكتبنا في أهل الجنة
ممن آمنوا بموعود ما هو آت
فلم يجزعوا على ما مضى وفات
ممن عنهم رضيت
وعن ذنوبهم عفوت
فرفعت عنهم كل بؤس وشقاء
وجزيتهم بفضلٍ خير الجزاء
فكانوا من أصحاب السلام
والحمد والتسبيح لهم الكلام

والحمد لله مالك يوم الدين
من إليه الرجعى والمستقر.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

النظام الخفي

هل تؤمن أنه يوجد “نظام” تعمل أجسادنا تبعاً له؟!-هذا لا يحتاج إلى “إيمان”, كلنا نعلم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.