سؤال: هل يمكن للعلم أن يثبت شيئا حكم العقل بإستحالته؟

جاءني سؤال يقول:
استاذ عمر هل فعلا يمكن للعلم ان يثبت شيئا حكم العقل باستحالته ؟ وهل لـ ستيفن هوكنج كلام في ذلك ” ايجاد المعدوم لنفسه ” ؟

فقلت:
السؤال هنا: ما هو العلم الذي أثبت وكيف أثبت؟
ثانيا: أي عقل حكم باستحالة الشيء؟!
هناك أشياء حكمت بعض العقول في فترات زمنية باستحالتها لمحدودية تصوراتها وإحاطتها العلمية وأخرى حكمت باستحالتها لعدم وجود استقراء تام لأفراد المسألة!!
ومن ثم فقد يحدث أن يثبت العلم في يوم من الأيام ما كان العقل يراه في مراحل زمنية سابقة مستحيلا! فمثلا التلفاز والإنترنت كان مستحيلاً عقلاً في فترة من الفترات!! والآن هو مقبول عقلاً وثابتاً علما!
ولكن هناك بديهيات بسيطة (وركز على بسيطة هذه) مستحيلة عقلا لا يمكن للعلم أن يثبت إمكانها في يوم من الأيام! مثل أن يكون 1+1 يمكن أن يكونا 1 أو 3 (هناك معادلات تتلاعب بمثل هذا .. ولكنه تلاعب افتراضي, ويبقى الواقع المشاهد هو أنهما: 2 فقط!)
ومن ذلك: إيجاد المعدوم لنفسه!! فهي مغالطة لن تحدث بأي حال من الأحوال!
وفارق بين إثبات الشيء واقعا وبين إثبات شيء بمجموعة من المعادلات الطويلة, التي يكفي خطأ أو تلاعب في واحدة منها للوصول إلى نتيجة عجيبة! (هذا إذا كان تم إثباته!!)

وأعود فأقول:
فارق بين أن يتكلم عالم في العلم, وبين أن يجذب العلم إلى مجال الفلسفة والغيبيات فساعتها يصبح كلامه مثل كلام غيره!
فكلام ستيفن ذو وزن في الفيزياء بينما خارج الفيزياء وفي الفلسفة آراءه مثل آرائي في مباريات كرة القدم الأمريكية!!
وخاصة إذا كان العالم (ستيفن مثلا) غير محايد وذو موقف في المسألة!!
فستيفن يقول في مقدمة كتابه: نقد التصميم العظيم
إن الفلسفة قد ماتت وإن العصر هو عصر العلم!!
والفلسفة لا يمكن أن تموت أبداً لأن العلم له دور, فهو قد يقول لك: أن الماء يغلي عند درجة مائة ويبدأ في التبخر! ولكنه لن يقول لك: لماذا يحدث هذا؟!! لماذا كان من خصائص الماء كذا!

المشكلة أن الملحدين ينقدون المؤمنين في إيمانهم ب “إله الفجوات” ثم يتعاملون هم أنفسهم تبعاً لهذا التصور!!
فستيفن هوكنج -والذي لا أتصوره محايداً بأي حال من الأحوال- ينطلق في كتابه من مبدأ: بما أننا استطعنا تفسير الكون علميا فلا حاجة لوجود إله!! ومن ثم يتبجح بأن الفيزياء تنفي الحاجة لوجود إله!!
ولست أدري من أقنعهم أن الله لم يضع قوانين/ سنن للكون يسير عليها وإنما يدير كل الكون بنفسه مباشرة, فإذا ظهر القانون انتفى وجود الله؟
إنني أومن بوجود قانون واحد لكل الكون يسير عليه فعليا, وأرى أن هذا من أكبر الآيات على واحدية الخالق, فأين المشكلة؟!!
(بل وأزيدك بأني أومن بوجود حرية وإرادة محدودة لكل جزء وكل في الكون, ولي في هذا مقال في موقعي بعنوان: سمارت كون, في قسم: العقل في الإسلام, يمكنك أن تلقي عليه نظرة وستجد فيه ما يدهشك!!)
إن ما فعله ستيفن على ما أتذكر لتجاوز إشكالية إيجاد المعدوم لنفسه أن افترض عدما أو فراغاً بمواصفات معينة, فيه حركة …. ثم في نهاية المطاف وبعد مش عارف تفاعل ايه مع ايه وحركة ايه وانتقال ايه خرج الوجود من هذا العدم!! والذي هو ليس عدما!!

المسألة مغلقة:
العدم والذي هو عدم لا يوجد وجودا!!
ويبقى من يقول إن العلم ينفي الحاجة لوجود إله, مجرد أخرق كبير مهما حمل من الألقاب العلمية!!

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

هل “الله” العظيم … أخلاقي؟!

“يجب على الله فعل الصلاح والأصلح”“إنَّ الإِلهَ الذي يعرّفه القرآن، وهو بالطبع إله كلّ الأديان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.