إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً

جاءئي سؤال يقول:
أستاذ عمرو سؤال تاني قريته علي صفحه شخص ما لو ركزت شويه مش هتلاقي انسان عنده هدف حقيقي في حياته اللي بيذاكر وبيدرس تقوله ايه هدفك يقولك عايز اخد الدكتوراه طب وبعدين وايه اخرة الدراسه والمذاكره عايزين نوصل لايه !
حتي الغني بقي عنده كل حاجه ومش ناقصه حاجه تقوله ايه هدفك مش هتلاقي اجابه واضحه بقت حياته ممله ومش لاقي جديد يعمله انت اشتغلت وتعبت وعايز توصل لاعلي المناصب في شغلك طب وبعدين ايه هدفك برضو وعايز توصل لايه

في ناس الجواز بالنسبالها هدف ممكن تضحي بكل شئ علشان توصله وفي الناس الشغل والدراسه كل حاجه بالنسبالها وبتضحي بكل شئ علشان يوصلولهم،،،،
السؤال لما توصل لهدفك هتبقي تعمل ايه بعد كدا ؟ يعني ايه الحاجه اللي لو وصلتها تقول خلاص مش عايز حاجه تاني ؟!
أستاذ عمرو هل يمكن ان يكون هناك هدف للهدف ؟!

فقلت:
أولاً أخي: كل الناس لديها أهداف ولكنها في الغالب أهداف مرحلية! ونادرا هم من يضعون هدفاً كلياً لكل حياتهم!
لا يوجد إنسان بدون هدف حقيقي!!, ربما تقصد لا يوجد هدف من هذه الأهداف غالباً يستحق أن يسعى الإنسان وراءه!
ربما تسأل عن غاية قصوى! هدف أعظم!
المفترض فعلا أن يكون هناك هدف للهدف! ألا يكون مطلوبا لذاته وأن يكون هناك دوما السؤال: ثم .. ظاهراً وملحا أمام كل إنسان!

ولكن باختصار أخي:
هكذا خُلق الإنسان يبحث عن شيء ما يسعى وراءه, فإذا وصل إليه زهده وبحث عن غيره!
ويختلف الناس في مستوى الهدف الذي يسعون وراءه ويطلبونه!
فبعض الناس أهدافهم صغيرة جدا جدا, وآخرون مدى سعيهم أوسع قليلا, وغيرهم أوسع كثيرا! .. ولكن طالما أن سعيهم كلهم لهدف دنيوي فبعد أن يصلون إليه يملونه ويزهدون فيه ويبحثون عن غيره .. ولهذا ظهرت الكثير من المظاهر والممارسات والسلوكيات الشاذة في المجتمعات الغربية, فبعد أن وصلوا تقريبا -بشكل فردي- إلى كل أهدافهم, لم يقتنعوا بهذا وبدأوا يبحثون عن شيء جديد -دنيوي- يعطي حياتهم معنى!
فأصبح بعضهم يمارس رياضات خطيرة, وآخرون يقوم بممارسات جنسية شاذة, وغيرهم يحول شكله إلى شكل عجيب وهكذا!

المشكلة أننا نبحث عن أهداف خارجية لهذا نعاني ولا نقتنع ولا نرتاح!
ولو حولنا أهدافنا لداخلنا لاختلف حالنا كثيرا!!
نظن أن المنصب سيجعلنا أفضل!! نظن أن المال سيجعلنا أسعد!!
ولكنها كلها قشور خارجية!!
ولكن لو أصبحنا نحن أهداف أنفسنا!
أن نصلح العيوب التي فيها! وما أكثرها!
أن نجعل أنفسنا أنقى وأصفى وأطهر .. لاختلف تذوقنا للحياة ولكل ما نمر به من تجارب! ولأصبحنا أقدر على مواجهة الحياة! ولقلت حيرتنا!

باختصار نحن حالنا مثل حال إنسان عنده مشكلة في فمه لا يستطيع بسببها أن يتذوق الطعام! وبدلاً من أن يعالج فمه يضيف إليه الكثير والكثير من الملح والسكر والتوابل ليستطعمه ولكنه مهما زاد لا يشعر باللذة!!
كذلك لو وضعنا لحياتنا هدف “فوق دنيوي” لاختلف الحال كثيرا!
نحاول أن نربط أنفسنا بالله .. أن نصلح مسيرنا إلى الله!

في الختام أقول:
كلنا يكدح في حياته ولكن إلى أي وجهة يؤدي كدحه هذا:
“يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ [الانشقاق : 6]”

إعادة نشر

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الملل

مبدئيا أرجو ألا يدفعك الملل إلى أن لا تكمل قراءة المقال القصير!ولأنه عن الملل فلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.