حقيقة المتعة

ما هي حقيقة المتعة؟
حقيقة المتعة هي الاستجابة ل “الضعف” والنقص …. المتجددين!

كيف هذا؟!
إذا نحن نظرنا في كل المتع الإنسانية وجدنا أنها كلها تعبيرٌ عن -واستجابة ل- ضعفنا ونقصنا!
(ولا أحد ينظر في الواقع إلى هذه المتع على أنها ضعف أو نقص! ولكن من حكمة الله اللطيف أن جعل نقصنا .. جميلاً ممتعاً)

فالنوم مثلا ضعف ونقص .. ولكن كم هو ممتع أن تنوم على فراش وثير لفترة كافية ثم تقوم بوافر طاقتك ونشاطك, بحالة مزاجية جيدة.
والجوع والاحتياج إلى الطعام نقص وضعف, ولكن كم هو شهي أن تجوع ثم تأكل .. أي شيء .. تشعر بلذة كبيرة!
وكم هو أشهى أن تجوع ثم تأكل وجبة طيبة مجهزة متعددة الأصناف

والجنس كذلك ضعف واحتياج, ولست بحاجة إلى أن أتحدث عن لذته!
قد يقول قائل: ولكن الجنس بالنسبة للرجل ليس ضعفا, هو يريد أن يظهر قوته!
فأقول: الفكرة في الاحتياج والعوز والاستجابة له … في الشعور الذي يحركك … وليس في الدور في العملية الجنسية!
فالرجل يشعر بالاحتياج إلى الجنس وكلما زاد الاحتياج كلما ازداد التوتر, وكلما شعر بالحاجة إلى “الطراف الآخر”.

والحب كذلك هو ضعف وتعلق بالآخر, وتصور أن السعادة هي في الحياة مع هذا الشخص .. وهو ضعف ونقص .. ولكن كم هو جميل هذا الضعف والكل يطلب هذا الضعف ويسعى وراءه ولا يشعر أن حياته لها معنى بدونه, وهل من الممكن أن نتصور كيف تكون الحياة بدون الحب؟!

والاحتياج إلى “الاحتضان” والاحتواء ضعف, وهو عند النساء أظهر منه عند الرجال, ولكن في نهاية المطاف فإن الشعور بالاحتضان والاحتواء هو من أجمل المشاعر .. بما يترتب عليه من شعور بالطمأنينة.

ومتعة الدفء الذي توفره الملابس هو كذلك نقص وضعف, ولكن كم هو جميل أن تشعر بالدفء بعد البرد وأنت تحتسي كوبا من .. الشاي أو السحلب.
وكذلك الحال مع الشعور بنسمات الهواء التي تبرد جسدك الساخن في الصيف أو الظل الذي يجنبك التعرض لأشعة الشمس.

وكذلك متعة التعلم والاستكشاف هي -نتيجة- الإقرار الضمني بالنقص/ بعدم المعرفة, ومن ثم طلب العلم من الآخرين, والذين يعلمونك, وكلما تعلم الإنسان أكثر كلما اكتشف كم هو “غير عالم”!

قد يقول قائل: أليس من الأدق أن يقال: إن المتعة هي في إنهاء الضعف أو القضاء عليه؟!
فأقول: لا, المتعة كما قلت هي في الاستجابة له, لأن الله قدر أن هذه الضعوفات مستمرة متجددة, وحياة الإنسان قائمة على الاستجابة لها .. بقدر .. وليس على إنهاءها .. وهي من أقدار الله على عباده


ولهذا فإن مسلك الصوفية المتطرفين في الإسلام أو غيره, في التقلل المبالغ فيه من الطعام أو ترك النكاح أو ترك الطيبات هو من الغلو المخرج للإنسان عن إنسانيته!
فليس كل ضعف يُفترض أن يتجاوزه الإنسان.

في النهاية أذكر أن النقص الجميل والاحتياج هو من أكبر دوافع الإنسان للتواصل مع الآخر, ولولاها لاستغنى الإنسان بذاته.
وكذلك أذكر أن
المفترض أن يظل “الضعف”/ المتعة استثناءً وليس هو الأصل, فإذا أدمن الإنسان “ضعفه”, وأخذ يطلب هذه الملذات ليستمتع ويستطيب, ناسياً أنها ذات غاية في نهاية المطاف! (نعم مطلوبة لذاتها ولغيرها)
فإنه يهلك نفسه ويهلك غيره وينحدر بهذا الضعف إلى مرتبة
الحيوانات أو السباع!

وأعتقد أنني بهذا العرض قد وضحت لماذا أقول إنني في فلسفتي

الفلسفة_التسييقية

أنطلق في النظر إلى الإنسان من منظور الضعف وليس: القوة!

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

نقد رفض التعقل

من الأقوال المستفزة والمنتشرة بين العدميين –وأشباههم وأنصافهم- مقولة:“لا يوجد معنى في الطبيعة … نحن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.