لا أريد أن استخدم مصطلح “عبقرية” اختيار مكة
لتكون مقر الرسالة الخاتمة
لأنها حكمة ربانية علية
(وكذلك الحال في سن النبي المصطفى عند البعثة 40 عام)
فمكة في نهاية المطاف كانت “مدينة” صغيرة، تعتبر بدائية إذاما قورنت بالعواصم الحضرية الكبرى في فارس أو الروم أو الشام أو مصر.
والخطابات الكلية العمومية لا بد أن تكون متسمة بالبساطة (أو البدائية، كما بينت في كتابي: السوبرمان بين نيتشه والقرآن)
ولكنها بالنسبة للمدن/ القرى في جزيرة العرب فهي مدينة متميزة مكانا ومكانة، وهي على درجة عالية من “الرقي”، نابع من تواصلها مع مراكز حضارية كبرى: الشام اليمن (الروم فارس).
لهذا كانت صالحة لأن ينطلق منها خطاب يرقي ما دونها من القرى
فلا يشعرون معه بغرابة
وكذلك يصدر منها خطاب يصلح لإقناع أبناء الحضارات العالية.
وكذلك كان الحال مع النبي المصطفى، ففي الأربعين من عمره لم يكن ذلك الشيخ الكبير الذي يشعر معه الشباب بغربة أو بفاصل عمري كبير يترتب عليه حاجز معنوي، وكذلك هو ليس ذلك الشاب الصغير الذي يأنف الشيوخ من الاستماع إليه!
فهو ضارب بسهمين واصلين إلى هؤلاء وإلى أولئك
يُسمع كلاً منهما ما هو بحاجة إلى أن يسمع بلا تكلف!
فسبحانك من رب حكيم