تقديم المبصر

“-من فضلك ارتد هذه “العوينات/ النضارة” لترى جيدا!
يا أستاذ .. اسمعني .. أجبني!

  • لماذا؟ من قال لك إن نظري ضعيف؟
    أنا استطيع أن أرى جيدا .. وربما أفضل منك!”

هذا الحوار يلخص مشكلة كبيرة من مشاكل الفلسفة، وهي مشكلة “تقديم المُبَصِّر” .. أنها تقدم للإنسان بشكل مباشر “عوينات” ليبصر بها!
(كأداة معنوية -وليس مادية- هي عبارة عن مجموعة من القواعد للفهم وللتفكر ولإصدار الأحكام)
ومن ثم فإن عامة بني الإنسان لا يلتفتون أصلاً، وإن التفتوا فإنهم يستنكرون أن يكونوا بحاجة إلى تلك العوينات!

بينما يفلح كثيرون آخرون من أرباب أصناف أخرى من “الفكر” في “إلباس” الإنسان القارئ أو المشاهد “نظارتهم” الخاصة بهم!
وذلك لأنهم لا يقولون للناس: أنتم بحاجة إلى عوينات! وإنما يجعلون الإنسان نفسه يقوم بتركيب أجزائها تدريجيا أمام عينه عبر فترة جد طويلة -على حين غفلات-، فلا ينتبه الناس إلى أنهم أصبحوا يرون بهذه “النظارات” بدلا من أعينهم، ويظنون أنهم يبصرون بأعينهم الخاصة!

والفارق بين الدين عامة (والإسلام خاصة) أنه يقدم ذاته للناس باعتباره “نظارة” مضيئة تجعله يبصر بشكل أوضح وأجلى!
وعامة الناس مرتدية ل “نظارة” الدين، بدون أن تسائل نفسها:
هل جعلته نظارة دينه يرى أفضل؟
وهل أضاءت له فعلا .. طريقه؟
أم
أنها نظارة سوداء أظلمت الطريق أمامه؟!

الفلسفة_التسييقية

حول إشكالية التبصير

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الجزء الثاني من لقاء الأستاذ عمرو الشاعر ومناقشة كتاب نشأة الإنسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.