يولد الإنسان عاجزاً إلا عن البكاء, ثم يبدأ في اكتساب قدرات عديدة
ولأن هذه القدرات تمكن الإنسان من القيام بأمور عديدة وتيسر عليه أخرى
كما أنها تُكسبه “مركزا” وقبولا واحتراما عند الناس
أصبح التوجه اللاشعوري عند كل الناس هو اكتساب المزيد من القدرات.
ولكن ما يغفل عنه كثيرون أن هذه القدرات لا تأتي منفردة وإنما تأتي مقرونة ب “التزامات” أو مسئوليات لا تنفك عنها!
وقديما كانت هذه “القدرات” تُكتسب بالتعلم وبالعمل المستمرين, فبعد مداومة على “مهارة” ما, يكتسب الإنسان قدرة ما, وباستمراره عليها يعمل على صقلها وتحسينها!
المشكلة الآن أن هذه “القدرات” لم تعد بالاكتساب الذاتي البطيئ, وإنما أصبحت “تُعطى” من الآخرين.
فمع التقدم العلمي أعطت “المصانع” الإنسان العديد من الآلات التي مكّنته من القيام بالعديد من المهام والأدوار بيسر .. بواسطة الآلة.
ثم بعدها ظهرت العديد من “التطبيقات” والتي تقوم بهذا الدور للإنسان.
وبغض النظر عن أن الإنسان أصبح “قديرا عاجزا” لأن قدرته خارجية ك “مصباح علاء الدين”
فإن الوصول إلى والحصول على هؤلاء “المساعدين” الخارجيين ليس مجانيا
وإنما على الإنسان أن يعمل ويكد ليستطيع “شراء” هؤلاء المساعدين الذين ييسرون عليه حياته!!
وهنا تظهر الإشكالية:
قديما كانت المتطلبات بسيطة وكان الإنسان يعمل للحصول على هذه المتطلبات القليلة.
الآن ازدادات المتطلبات -والتي هي في المقام الأول: مقويات ومعينات-
وأصبح على الإنسان أن يكد ويعمل طيلة يومه .. حتى يحصل على ما يريحه!
فالظاهر أننا غيرنا مجال الكد, فبعد أن كان الإنسان يكد ليعمل -وينتج- ما يحتاج, أصبح يعمل ويكد ليشتري ما يحتاج -وما لا يحتاج-
فنعم ارتاح الإنسان بدنيا .. ولكن الجهد والشغل لم يختفيا! وإنما ازداد معهما الهم.
في الختام نذكر:
هناك فارق كبير بين “القدرة الذاتية” وبين “القدرة المكتسبة”
وأعتقد أن المقصود بهما واضح
وبين: القدرة “الرأسية” وبين “القدرة الأفقية”
فأنت مطالب أن تكون قادرا متمكنا في مجال أو اثنين على الأكثر .. مجال تخصصك وهوايتك
بينما لست مطالبا بأن تكون قادرا على باقي الأمور.
تعاستنا الآن أنه يُسوق إلينا أن “سعادتنا” هي في تلك “القدرة الأفقية”,
في مقدرتنا على القيام بكذا وكذا والحصول على كذا وكذا
وهي أمور لسنا بحاجة إليها أصلا!!