نواصل اليوم بإذن الله وعونه النظر في تلك الدعاوى العريضة التي يطلقها كامل النجار في نقده للدين عامة وللإسلام خاصة!
وكما رأى القارئ في موضوعيه السابقين الذين ناقشناهما, فإن النجار يستعمل عنواين كبيرة وجذابة ثم لا يقدم من الأدلة على أقواله إلا أقل القليل من الكلام السطحي الذي يستطيع أي إنسان أن يقوله, فلا يتكلم كلام العلماء الباحثين!
ونناقش اليوم بإذن الله وعونه موضوعا آخرا للنجار يدعي فيه دعوى دأب عليها الغربيون وكرروها وأعادوها وهي دعوى تعارض الدين مع العلم والمنطق,
وإذا كان من الممكن قبول هذه الدعوى مع الأديان قاطبة فإنه لا يمكن قبولها مع الإسلام بأي حال , فالإسلام –ممثلا في القرآن والسنة الصحيحة التابعة- هو قمة المنطق ومنتهى العلم البشري! فكيف يحدث التعارض بين الشيء وأصله! هذا ما لا يكون بأي حال, فالدين الذي يدعو الناس إلى التفكر والتعقل ويلوم عليهم أفعالهم التي تخلو من المنطق ويكرر في آيات عديدة ” أفلا يعقلون, أفلا يتفكرون” هو بالتأكيد دين يستند إلى المنطق!
وإلا يكون قد قدم الحبل الذي يشنقه به خصمه!
ولقد أخبر الله تعالى البشر في القرآن أنه يخلو من الاختلاف –وبداهة من التعارض- وطلب إليهم أن يتدبروه, وبداهة ليس هذا هو فعل الكتاب الذي يحتوي على الخرافات أو التناقضات وإنما هذا هو فعل الواثق الأكيد المعتد بما يقول! ولكن الملحد يبحث في التراث وفي السنة الموضوعة والضعيفة ليجد ما قد ينفعه في إظهار القرآن بعدم المنطقية ثم يهلل بأن الإسلام دين غير منطقي وخرافي!
وكما وضحنا في مقالنا السابق فإن كل الطاعنين في الإسلام يحكمون الفروع في الأصول وهذا ما لا يفعله عاقل. ولكن ماذا يفعلون؟
فهم لا يجدون في القرآن مطعنا فليفهموه بأي شكل مختل حتى يبرروا لأنفسهم ولغيرهم إلحادهم ! ولكن مهما صالوا وجالوا فأقوالهم كلها بينة التناقض والسطحية والتكرار لما يقوله الغرب وسنقدم لك عزيزي القارئ أولا مقال النجار في هذا الشأن ثم نفنده بإذن الله وعونه:
” تعارض الدين مع العلم والمنطق
الحوار المتمدن – العدد: 1549 – 2006 / 5 / 13
منذ أن جاء موسى حوالي عام 1300 قبل الميلاد وقال إن الله قد خلق آدم في الجنة ثم أخرجه منها قبل حوالي خمسة آلاف عام، ظل رجال الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي يرددون هذه المقولة التي تطير في وجه الحقائق العلمية الحديثة التي أثبتت لنا أن الإنسان عمّر هذه الأرض قبل ما لا يقل عن خمسمائة ألف عامٍ مضت (أدوات إنسان بكين في الكهف الصيني عمرها 400 ألف عام).
وقبل هذا التاريخ كانت الأرض مأهولةً بالحيوانات التي منها ما اندثر ومنها ما زال عايشاً. (!!!!) و
من هذه الحيوانات القرد الشمبانزي الذي اشتق (!!!) منه الإنسان. والهياكل العظمية التي عثر عليها علماء الحفريات تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإنسان الأول كان يشبه الشمبانزي في حجم وشكل الجمجمة وفي بقية الهيكل العظمي.
وبعد مرور آلاف السنين تطور الإنسان وأصبح سوياً قائماً على رجلين بدل الأربعة. فهل يمكن أن يكون الله قد خلق الإنسان في هذا التطور الجسدي الذي استغرق آلاف السنين؟ ا
لقرآن يخبرنا أن الله قد خلق الأرض كلها في يومين، بما فيها النبات والحيوانات وآدم، (!!!) وهذا القول يعارض منطق التطور هذا ويخبرنا أن الله قد خلق الإنسان في أحسن تقويم ثم رده أسفل سافلين. بل زاد القرآن وقال إن الله رد بني إسرائيل من أناس أسوياء إلى قرود، أي عكس فكرة التطور هذه.
وليس هناك أي دليل علمي أو تاريخي على مسخ بني إسرائيل إلى قرود. ولو كان الله قد خلق آدم وحواء كأول شخصين على الأرض، كما يقول رجال الدين،
فهو قد سنّ سنةً غير أخلاقية إذ جعل أبناء آدم يعاشرون أخواتهم ليعمرّوا هذا العالم، وكان من الأفضل أن يخلق عائلتين في نفس الوقت حتى يتفادى هذا الحرج الذي شرّع فيما بعد القوانين ليمنعه وجعله عملاً غير أخلاقي. فهل يُعقل أن يفعل الإله الكامل عملاً ثم يتراجع عنه؟
المنطق يحتّم علينا إن افترضنا أن هناك إلهاً خلق هذا العالم، أن يكون هذا الإله مكتملاً في قدرته وعلمه ومعرفته بالأشياء (ليس كمثله شيء كما يقول القرآن).
فإذا كان هذا الإله موجوداً فهل من المعقول أن يكون قد تعلّم من تجاربه وأخطائه كما يتعلم الإنسان؟
الجواب لا بد أن يكون بالنفي.
فإذاً كيف نفسر أن يكون الله قد خلق الإنسان بدائياً (!!!) لا يعرف النطق بالكلمات ولا يعرف استعمال الآلات التي تساعده على معيشته ويأكل اللحم نيئاً قبل أن يكتشف النار ويتجول عارياً من أي لباس يغطي جسمه؟
فالإنسان الأول كان يستعمل الحجارة لقتل الحيوان ولتقطيع اللحم على مدي آلاف السنين ولم يخترع آلات البرونز إلا في حوالي عام 3500 قبل الميلاد، أي قبل حوالي ستة آلاف عام من عمره الطويل على الأرض الذي يمتد إلى أكثر من أربعمائة ألف عام؟ ولم يكتشف الإنسان الحديد إلا حوالي عام 1900 قبل الميلاد،
ومع ذلك يتجاهل القرآن كل هذه الأزمان الطويلة من حياة الإنسان ويقول “أنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس”. والإنسان استعمل البرونز أطول مما استعمل الحديد ولكن لا ذكر للبرونز في القرآن. ويقول كذلك عندما يتحدث عن النبي داود “ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطيرُ وألنا له الحديد”.
ويقول المفسرون إن الله علّم داود صناعة الدروع وألان له الحديد ليصنعها. ولكن الموسوعة العلمية البريطانية تخبرنا أن الإنسان عرف
ومن أين أنزل الله الحديد؟
الغلاف الأرضي ملئ بالحديد الخام فليس الله بحاجة أن ينزله من السماء.
ونحن نعرف الآن أن أشعة الشمس تسافر من الشمس وهي تحمل معها طاقةً هائلة أتت بها من الشمس، ولكن هذه الأشعة لا تطلق هذه الطاقة إلا عندما ترتطم بسطح الأرض. وقتها تتولد حرارة عالية من هذا الارتطام بالأرض تنتج عنه الرمضاء. وعندما ترتد أشعة الشمس إلى أعلى تفقد طاقتها تدريجياً فتقل الحرارة في طبقات الجو العليا حتى تصل إلى ما تحت الصفر. فإذاً الحرارة أكثر ما تكون عند سطح الأرض.
وبما أن الحفريات الحديثة أثبتت لنا أن الإنسان بدأ حياته في إفريقيا قبل أن ينتشر في بقية العالم، وبما أن إفريقيا عند خط الاستواء حيث الحرارة في أشدها، فالمنطق يحتم أن يخلق الله الإنسان طويلاً حتى يُبعد الدماغ عن حرارة الأرض لأن الدماغ لا يعمل إلا في مجال ضيق جداً من درجات الحرارة.
فهل كان الله يجري تجارباً عندما خلق البجميز Pigmies الذين لا يزيد طولهم عن ثلاثة أقدام، في غابات إفريقيا الوسطي؟
لا بد أنه كان يجرب في الخلق لأنه عاد وخلق أفراد قبيلة الماساي الذين يبلغ طولهم في المتوسط ستةً أقدام أو أكثر. ومفسرو القرآن يقولون إن الله قد أنزل آدم في الهند وكان طوله ستين ذراعاً وأنه عاش أكثر من ألف عام. وبما أن ظهور البجميز قد سبق خلق آدم بآلاف السنين،
لو كان آدم شخصيةً حقيقية. فلا بد أن يكون الله قد تعلم من خلق البجميز فخلق آدم طويلاً لأنه أنزله في الهند التي لا تبعد عن خط الاستواء كثيراً.
ونحن نعرف من دراسات هياكل الإنسان القديم أنه كان لا يعيش أكثر من حوالي ثلاثين عاماً لتفشي الأمراض والحيوانات المفترسة ولصعوبة الحياة عامةً.
وقد زاد عمر الإنسان تدريجياً بتحسن وتطور الطب والغذاء فأصبح الإنسان الأوربي يعيش في المتوسط ثمانين عاماً بينما يموت إنسان العالم الثالث في الخمسين من عمره. والقرآن يقول بعكس ذلك إذ جعل آدم ونوح وغيرهم يعيش أكثر من ألف عام وتدريجياً نقص عمر الإنسان وطوله مع تقدم الطب وسهولة الحياة.
وفي عالمنا الصناعي الذي نعيش فيه اليوم إذا صمم مهندس سيارة أو أي ماكينة تهدر ستين بالمائة من الطاقة التي نضعها فيها في شكل حرارة لا تفيد ما صُممت الماكينة من أجله، لطرد صاحب المصنع هذا المهندس.
ولكن إذا أخذنا الإنسان فإن جسمه يُعتبر أكثر ماكينة غير اقتصادية إذ أن ستين بالمائة من الطعام الذي نأكله يتبدد في شكل حرارة لا نستفيد منها وقد تُجهد الجسم ليتخلص منها.
فلو أن الله قد خلق هذا الإنسان، أما كان المتوقع منه أن يجعل جسمه أكثر اقتصاداً في استعمال الطاقة، (!!!) والقرآن يقول “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”
وإذا تركنا الإنسان ونظرنا إلى الحيوان، نجد أن من أوائل الحيوانات ظهوراً على الأرض حيوان الديناصور الذي انقرض قبل حوالي ستين مليون سنة.
هذه الحيوانات كان يبلغ طولها 127 قدماً وبعضها له أجنحة لكنه لا يطير. هذه الحيوانات الضخمة كانت تعيش على الحشائش وتبيض كالطيور. ولا بد أن حيواناً بهذا الحجم يحتاج إلى كمية ضخمة من الحشائش يومياً بحيث لا يمكن توفرها لأعداد كبيرة منها وعلى مدى ملايين السنين،فكان لا بد لها أن تنقرض.
فلماذا خلق الله حيواناً بهذا الحجم لا يمكن أن يطير وأعطاه أجنحة؟
وهل كان ممكناً لمثل هذا الحيوان أن يستمر في الحياة دون أن يتغير؟
فعملية التطور الطبيعي كان لا بد لها أن تغيّر من حجم وشكل هذا الحيوان أو أن ينقرض هذا الحيوان، وقد انقرض. وحدث نفس الشيء مع أفيال الماموث Mammoth الضخمة التي انقرضت وأصبحنا نضرب بها المثل عن المهمة الضخمة فنقول Mammoth Task.
وطائر الدودو الضخم الذي لم يكن يطير ولذلك انقرض لأن حجمه الضخم كان يعوق حركته وبالتالي لم يتمكن من النجاة من الحيوانات المفترسة ولم يستطع أن يطير فينجو من الصيادين.
فلا بد أن الله لو كان هو خالق هذه الحيوانات لكان قد خلقها في أحسن هيئة تساعدها على البقاء والعيش، خاصة أن القرآن يقول “فتبارك الله أحسن الخالقين”.
فهل هذه الحيوانات التي انقرضت كانت أحسن الخلق؟
وإذا كان الله قد خلق الإنسان في أحسن تقويم، لماذا خلق له أشياء إضافية بجسمه لا فائدة منها مثل شعر العانة والشارب وشعر الإبط ثم طلب منه أن يزيلها كلها؟
ألم يكن بمقدور الله أن يخلقه كما يريد دون هذه الزوائد؟
فالمعروف أن الشعر يحبس طبقة من الهواء تعمل كعازل للحرارة، فشعر الرأس يحفظ حرارة الدماغ في درجة أقل من الحرارة الخارجية لأن الهواء المحجوز بين شعر الرأس يكون عازلاً Insulator يمنع الحرارة من الوصول إلى الدماغ. أما شعر العانة فلا وظيفة له. أيخلق الله للإنسان أشياء لا حاجة له بها؟
والقرآن يقول لنا “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” (الذاريات 56)،
ونحن نعلم أن الإنسان ظهر على الأرض منذ مئات الآلاف من السنين، وأول نبي نعرفه هو إبراهيم الذي جاء حوالي عام 1800 قبل الميلاد أي حوالي قبل أربعة آلاف عام.
فماذا كان الإنسان يفعل في الأربعة آلاف سنة قبل أن يتعلم اللغة والكلام وقبل أن يأتي النبي إبراهيم ليعلمه كيف يعبد الله، والله لم يخلق الناس إلا ليعبدوه؟ فحتماً لو خلق الله الإنسان لخلقه متكلماً عارفاً لواجبه نحو خالقه وعلى استعداد لعبادته.
وبما أن القرآن يقول لنا إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم يحق لنا أن نسأل: هل يمكن لله أن يُحسّن في كمال جسم الإنسان بعد أن قال إنه خلقه في أحسن تقويم؟
فإذا كان الجواب بالإيجاب فإن الله لم يخلق الإنسان في أحسن تقويم كما قال لأن كلمة “أحسن” تعني أنه لا يمكن أن يتحسن أكثر من ذلك.
وإذا كان الجواب بالنفي فسوف تقابل رجالات الدين مشكلة كبرى لأن الطبيعة تجبر جسم الإنسان على التأقلم والتغير. فالإنسان الإفريقي أجبرته الطبيعة أن يتأقلم مع حرارة خط الاستواء التي تمدد الهواء عندما يسخن، وعندما يتمدد الهواء تقل نسبة الأوكسجين فيه،
وإذا كان الإنسان يحتاج أن يتنفس عشرة لترات هواء بارد ليحصل على الأوكسجين اللازم لجسمه في الدقيقة الواحدة، فإن الإنسان الإفريقي يحتاج أن يتنفس عشرين لتراً من الهواء الساخن ليحصل على نفس كمية الأوكسجين التي يحصل عليها غيره في عشرة لترات.
وحتى يتمكن الإنسان الإفريقي من تنفس عشرين لتراً من الهواء في الدقيقة لا بد أن تصير أنفه كبيرة بدرجة تسمح له بتنفس هذه الكمية.
وعندما هاجر الإنسان الإفريقي إلى الدول الإسكندنافية قبل عشرات الآلاف من السنين، لم يعد في حاجة للأنف الكبير لأن الهواء بارد ومتقلص ولذلك صارت أنفه صغيرة. ثم أنه تخلص من اللون الأسود في جسمه وفي شعره لأن اللون الأسود يعكس الحرارة، والإنسان الإسكندنافي يحتاج الحرارة ولذلك تخلص من السواد. فالطبيعة تجبر جسم الإنسان على التغيير. ويتنبأ العلماء بأن إنسان المستقبل سوف يكون ذا رأسٍ كبيرة وسوف يفقد شعر الوجه والجسم بالكامل وسوف تزداد مقدرته العقلية مع زيادة حجم دماغه ورأسه.
وعليه إما أن يكون الله هو الذي يغير جسم الإنسان بعد أن قال إنه خلقه في أحسن تقويم، وإما أن يكون الله لا دخل له في الخلق والطبيعة هي التي تفعل ذلك.
هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات من رجال الدين غير جوابهم المعروف الذي يقول لنا ” وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً” أو “التفكر في ذات الله كفر”. ” اهـ
وبعد أن عرضنا لك عزيزي القارئ هذا المقال –الذي نترك لك حرية توصيفه- نبدأ بالرد على الإشكاليات التي يظن أنه أتى بها:
وقبل أن نبدأ بالرد نذكر أنه كالعادة يأتي –كعادة من يغلب الخطأ على كلامهم- بكلام وينفيه في نفس المقال, كما أنه يأتي بمعلومات تجعلنا نشك في أصله الإلحادي! ونرجح كونه مسيحيا كما قال بعض الأخوة, ونبدأ بإذن الله في الرد:
أول ما نلحظه في هذا المقال الذي تنقصه الديباجة الحسنة هو طفح الأسلوب العامي في الكتابة, وشيوع الأخطاء اللغوية –على الرغم من دعواه المتكررة أنه متقن للعربية- فنجد على سبيل المثال:
” منذ أن جاء موسى حوالي عام 1300 قبل الميلاد وقال إن الله قد خلق آدم في الجنة ثم أخرجه منها قبل حوالي خمسة آلاف عام، ظل رجال الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي يرددون هذه المقولة ……..”
فعلى قوله هذا يفترض أن رجال الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي كانوا موجودين في زمن موسى عليه السلام! وأعتقد أنه لا يقول بهذا عاقل! ثم نجد تعبيرا آخر قمة في الفصاحة والبيان وهو ” مأهولةً بالحيوانات التي منها ما اندثر ومنها ما زال عايشاً. “ ولا أجد تعليقا على “ما زال عايشا” ثم يأتي النجار بمقولة يثبت بها غلبة اللغة على لسانه وهي قوله “ القرد الشمبانزي الذي اشتق “
ولست أدري كيف اشتق الإنسان من الشمبانزي! يبدو أن السيد الفاضل لا يعلم ما هو معنى الاشتقاق!
ثم يبدأ النجار بسؤاله:
هل يمكن أن يكون الله قد خلق الإنسان في هذا التطور الجسدي الذي استغرق آلاف السنين؟
ونرد عليه بقولنا:
ارجع إلى نظريتنا في خلق الإنسان على موقعنا فستجد فيها شفاءا لما في صدرك! أما أن القرآن قال أن الله خلق الأرض و و … وآدم في يومين فلست أدري صراحة أين قال القرآن ذلك! أما دعواه أن الله رد بني إسرائيل إلى قرود فنوضح أولا أن ذلك ما حدث مع كل بني إسرائيل وإنما حدث مع قرية فقط كانت حاضرة البحر, لذا لا عجب في عدم وجود أدلة تاريخية على هذا! ثم إن القول بالمسخ دليل لنا, فإذا كنت أنت تقبل التطور وتقول أن الإنسان “اشتق” من القرد الشمبانزي (هذا خطأ لغوي ويفترض أن يقول: من قرد الشمبانزي!)
فالذي أجرى التطور في اتجاه يستطيع أن يسرعه في الاتجاه المعاكس! (ولكن بدون فيصل القاسم!) أما مسألة اعتراضه على اجبار الله عزوجل لأولاد آدم على مناكحة بعضهم بعضا فقد أثبتنا بالدليل الجازم وجود بشر مع سيدنا آدم وزوجه فلم يحدث ما يقول به (ويقول به علمائنا للأسف ولا يتحرجون من ذلك!)
ثم يثبت السيد النجار من حيث لا يدري ولا يعلم أن ديننا لا يتعارض مع المنطق, فيقول: ” المنطق يحتّم علينا إن افترضنا أن هناك إلهاً خلق هذا العالم،
أن يكون هذا الإله مكتملاً في قدرته وعلمه ومعرفته بالأشياء (ليس كمثله شيء كما يقول القرآن).” إذا فهو يرى أن المنطق يرى كمال الإله! أليس هذا ما قاله القرآن؟! فأين تعارض العقل مع الدين إذن؟
أما مسألة اعتراضه على خلق الإنسان بدائيا لا يستطيع الكلام ولا يعرف استعمال الأدوات فنسأله: كيف ولدت أيها السيد النجار؟
ألم تكن بنفس الصورة لا تعرف أي شيء ولا تستطيع الكلام, أم أنك حضرتك كنت الحالة الفريدة التي خرجت من بطن أمها بقلم ونظارة؟!
البشر كلهم يخرجون لا يعلمون شيئا ولا يستطيعون الكلام ثم يكتسبون هذه القدرات بعد ذلك! وهؤلاء البشر البدائيون هلكوا مع مرور الوقت واستمر سيدنا آدم ومن معه بفضل ما علمه الله إياهم!
ثم يأتي السيد النجار بدعوى غريبة وهي دعوى تعارض تذكير الله لسيدنا داود أنه ألان له الحديد ويحتج بأن الموسوعة البريطانية تقول أنه اكتشف في عام كذا وكذا أي قبل سيدنا داود بمئات السنين!
فنقول: وعلى فرض صحة كلام الموسوعة البريطانية, نسأل:
أين حدد القرآن زمن سيدنا داود؟ إن هذا مما ورد في التوراة, فهل تحاكمنا إلى التوراة وهي غير ملزمة لنا؟
وإذا قبلنا التوراة فنقول: هل قال القرآن أن الله تعالى جعل داود هو أول من يستعمل الحديد؟
الآية تقول أنه آلان له الحديد, وهذا بداهة يعني أن الحديد كان موجودا من قبله ومعروفا ولكنه ألين له! فأين التعارض المزعوم؟ ولكن يبدو أن السيد النجار يفهم القرآن تبعا للتوراة ! وأما اعتراضه على إنزال الحديد من السماء فلست أدري أين قال الله تعالى أنه أنزل الحديد من السماء؟
هل مجرد القول بالإنزال يعني الإنزال من السماء؟ بداهة هذا ما لا يقول به القرآن بأي حال ولكنه التنطع والبحث عن أي حجة, وحتى على فرض القبول بأن الإنزال يعني الإنزال من السماء , فما الذي يمنع أن يكون عنصر الحديد قد أتى إلى الأرض في مرحلة التكون عبر سيول من النيازك نزلت واستقرت في باطن الأرض؟
أعتقد أنه يكون بهذا المعنى قد حصل إنزال, أم أن الإنزال في لغة النجار يشترط أن يكون بواسطة الملائكة؟!
أما اعتراضه على تكوين وخلق الإنسان فمن العجب العجاب ولا يستحق النقاش ففي الجسم البشري من العجائب ما لا تنقضي والأطباء يشهدون على ذلك ولكن النجار لا يسمع للأطباء فهو لا يرى إلا ما يريه عقله
(وقوله هذا يثبت النظرية التي أقول بها وهي أن الإلحاد في بيئتنا العربية راجع إلى أسباب نفسية وعوامل اجتماعية أثرت في الإنسان فقادته إلى الإلحاد! لا أن المسألة عقلية أصلا!)
أما استدلاله بأقوال المفسرين, فليقل المفسرون ما يحلو لهم طالما لا يملكون دليلا على قولهم من القرآن أو السنة الصحيحة!
ولقد وضحنا في كتابنا “لماذا فسروا القرآن” –والموجود على موقعنا- كيف أن السادة المفسرين كانوا يخبطون في تعاملهم مع القرآن وكيف أنه لم يكن لهم منهج محدد في التعامل, وإنما كان النهج هو التجميع والتوفيق!
ثم يواصل النجار كذباته فيقول أن القرآن قال أن آدم ونوحا وغيره عاشوا ألف سنة ثم نقص عمر الإنسان تدريجيا , وهو يرى أن هذا عكس ما يقول به الطب! ولست أدري أين قال القرآن هذا؟ أن واثق أن النجار يعلم أن القرآن لم يقل بهذا الأمر إلا مع سيدنا نوح , أما تعميمه فهو مما جاء في كلام المفسرين وهي بداهة ليست القرآن! فالقرآن ذكر سيدنا نوح كحالة خاصة ولكن النجار عممها!
أما اعتراض النجار على خلق الإنسان وغيره من الحيوانات فكما وضحنا فالنجار ومن شابهه يرونه خلقا معيبا! ولست أدري ماذا نفعل بأطنان الكتب التي تتحدث عن دقة الخلق! والتي كتبها المتخصصون؟ أنتركها ونتبع النجار؟!!
ثم يسقط النجار سقطة قاتلة تجعلنا نرجح أصله المسيحي أو جهله بالدين بأي حال وهي قوله
“وأول نبي نعرفه هو إبراهيم ” فهذه المقولة هي مقولة المسيحين الذين لا يعترفون بنبوة نوح! ونحن نسأل النجار: وماذا نفعل في نوح وماذا نقول في آدم؟
(من العجيب أن السادة المفسرين والفقهاء أقروا بنبوة آدم ولكنهم جعلوه نبيا لأبنائه, ونحن نتفق معهم في نبوته ونرى أنه كان نبيا لمن معه!)
فبمقولته هذا إما أن يقر أنه مسيحي متنكر في هيئة ملحد أو أنه ملحد لا يعرف شيئا عن الإسلام, فمن الأفضل أن يقر بالجهل ويترك النقد لمن هو أهل له!
(والعجيب أن النجار كان يرد ذات مرة على شخص فقال له: أنه سيفعل كذا ولكن بعد أن يأتي على العقيدة الإسلامية! بهذه الطريقة يبدو أنه سيأتي على نفسه!)
أما سؤال النجار عن خلق الإنسان في أحسن تقويم فنحن نرد عليه : نعم, خلق الإنسان في أحسن تقويم, وأي محاولة للتعديل عن طريق الهندسة الوراثية قد تحسن فعلا عمل عضو ولكنها ستؤدي إلى إصابته بالعديد والعديد من الأمراض جراء هذا الاختلال.
وأما دعواه ” وعندما هاجر الإنسان الإفريقي إلى الدول الإسكندنافية قبل عشرات الآلاف من السنين “فنحن نسأله: كيف هاجر الإنسان البدائي الذي لا يعرف شيئا إلى الدول الاسكندنافية وكيف عبر البحر المتوسط؟
وما الذي دفعه إلى الهجرة ؟ ولم لم يستقر في مصر فجوها أنسب له؟
إنه من غير المنطقي بأي حال أن تهاجر جماعات من خط الإستواء لتستقر في الدول الإسكندنافية ( هذا إذا غضضنا الطرف عن مشاكل الحدود والتأشيرات !!!!!!!!!!!!!!!!),
فهناك في الطريق الكثير من المناطق المناسبة للاستقرار, فما الذي يجعلهم يواصلون الهجرة؟
وإذا قلنا أنهم هاجروا ووصلوا فعلا إلى السويد وما شابه فنسأل: ما هو الدليل على أنهم تطوروا فعلا كما يقول ففقدوا اللون وصغرت أنوفهم؟ ا
لذي أجزم به ويجزم به العلماء أن سكان أوروبا –وخاصة أهل الشمال منهم- لم يكونوا بأي حال من سكان أفريقيا, (وخلاف العلماء حول منشأ أهل أوروبا معروف ولكنهم يميلون إلى كونهم ذوي أصول هندية!) لا دليل على ما يقول, بل إن الواقع المشاهد ينفي ما يقول,
فلقد رأينا أن العبيد الذين اختطفهم الأمريكيون وأخذوهم إلى الولايات المتحدة منذ مئات السنين –ومنهم من عاش في أقصى الشمال حيث الصقيع- لم يدخلهم أي تغيير وظلوا كما هم,
والتغيير الذي حدث هو من جراء التزواج مع البيض, لا أنهم ابيضوا بسبب المناخ! ويبدو أن السيد النجار لا يفرق بين قدرة الإنسان على التكيف والتي أودعها الله فيه, لأنه خلقه في أحسن تقويم وبين التطور, فيدعي أن الطبيعة تجبر الإنسان على التطور. وكما وضحنا سابقا فإنه لا يوجد ما يسمى الطبيعة العاقلة, لأني أنا وغيري جزء من الطبيعة, فهذا يعني أني (وأنا لا أدري !) أجبر نفسي على ما لا أعرفه!!
أما نبؤات العلماء بشأن إنسان المستقبل فنقول له: (بلها واشرب منقوعها!)
فسيأتي الغد وسيظل الإنسان كما هو, وسيأتي أمثالك بعد مئات وآلاف السنين من الملاحدة ليكرروا نفس الكلام ويقولوا أن العلماء يقولون أن الإنسان سيصبح في المستقبل ( ويبدو أن المستقبل عند الملاحدة هو مثل: الغدا بكرة مجانا! وبكرة هذا لا يأتي أبدا! وستمر السنون إلى أن تقوم الساعة وسيبقى الإنسان كما هو في عناده وغيه!
كما رأينا فإن مقال السيد النجار هو الذي يخلو من المنطق وليس الدين, ونحن نقر ونعترف ب ” وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
فالإنسان المسلم يظل يتعلم طيلة عمره ويعرف أنه هناك دوما الجديد والجديد في العلم ولسنا مثل أمثالك من الملاحدة الذين يؤمنون بالفكرة مستندين إلى ما في عقولهم وإلى ما قد تظهره النظريات فيسارعون إلى تصديقها لموافقتها عقولهم, فليس هذا مسلك المحايدين وإنما هو مسلك أصحاب الآراء المسبقة والتي لا يتزعزون عنها ولو خالفهم العلم في كل ما يقولون.
وفي النهاية:
المسلم يعترف ويقر بعجلة التطور ويعرف أن العلم سيكتشف دوما الجديد والجديد لذا فهو يقر بقلة علمه! أما الملاحدة فهم يظنون أنهم قد أحاطوا بكل شيء علما, لذا فهم أصحاب عنزة وإن طارت!
هدانا الله وإياكم لما فيه خير الصواب.