حول الخطابات السائدة

“مشكلة البنات في عصرنا هذا أنهن يؤنثن ويذكرن
ولا “يؤممن”

ما معنى هذه المقولة؟!
دعني أصحبك صديقي العزيز في توضيح بسيط للجملة، فأقول:

بنات هذا الجيل أكثر “أنوثة” و “ذكورة” من بنات الجيل السابق!
وذلك لأنهن تعرضن لخطابين كثيفين …متوازيين:
أحدهما إعلامي والآخر “فكري إعلامي”
فالأول يخاطب مشاعر الفتاة .. وجسدها
ويركز على أهمية المشاعر والعلاقات
وعلى أهمية الجسد ومكانته .. ودوره ..
وكيف يمكن “استغلاله” .. في ذلك المجتمع .. المفتوح)
(والأنثى بطبيعتها تهتم بالاثنين: المشاعر والجسد, فعظم هذا الجانب لديهن)

والخطاب الآخر خطاب القوة
الذي يقول للفتاة إنها قوية وإنها “تستطيع”
وإنها ليست أقل من الرجل
وأن عليها أن تثبت ذاتها
في حقل العمل وفي كل الحقول!

وهكذا استجابت نسبة كبيرة من الفتيات للخطاب “الأنثوي”
ونسبة استجابت للخطابين بدرجات متفاوتة بين تقديم الذكورة أو الأنوثة!
ونسبة استجابت لخطاب القوة والعزيمة!

المشكلة الآن هي في أن الخطاب “الأمومي” مغيب
لأنه تم تهميشه لصالح الخطابين الآخرين, باعتباره أمراً بديهيا لا نحتاج للحديث عنه
(كما حدث في أمور محورية في الدين .. نُسيت!!)
وكذلك باعتباره خطابا “متجاوزا” يحصر المرأة في دور الأم!!!

وكذلك فإن الظروف المجتمعية للمدينة المعاصرة والأسر الصغيرة المنعزلة, التي تنجب عددا قليلاً محدودا من الأطفال, لم تعد تساعد على تنمية “حس/ وفطرة” الأمومة عند الفتيات!
فأين ستحتك الفتيات بالأطفال الصغار؟
وحتى عرائس الأطفال أصبحت نسبة كبيرة منها دمى آنسات بالغات مثيرات
وليس دمى “رضع/ بيبيهات”!

وهكذا نشأ جيل من الفتيات التي تعرف كثيراً عن الإثارة والأنوثة وتسعى لتحقيق وتجسيد الأنوثة في ذاتها!
ومن اللاتي يرين هدفهن في التعلم والعمل ..
ثم الأسرة بعد ذلك!
ومن اللاتي لديهن خصومة مع الرجال ..
لأن الرجال يظلمون المرأة عبر التاريخ وعبر العصور!!!
(وهن لا يعلمن شيئا عن النظم المجتمعية وإمكانيات الحياة في تلك العصور، ولكنهن لُقنّ هذه المعلومة)

ومع التراجع المستمر لنسبة من يحلمن بالأمومة .. الرحمة, فإن أواصر المجتمع ستضعف وتوهن وتتهاوى!
وسيظهر الجيل الذي يطالب بالجنس لذاته -باعتباره احتياجا إنسانيا- وليس لتكوين أسرة وإنجاب أطفال!
ومع رفض النساء الأسرة سيعود الذكور للهواية القديمة …
هواية اصطياد النساء
ولكن ليس بالسلاح ولكن .. بالكلمات وبقليل من الهدايا و”الخروجات”!
وسيخسر الجميع
رجالا ونساء وأطفالا ..
ومجتمعا!

حول الخطابات السائدة

الفلسفة التسييقية

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

مناقشة كتاب عقائد الإسلاميين جزء ٢

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.