أيهما أقوي الشيطان ام النفس ؟

جاءني سؤال يقول:
أيهما أقوي الشيطان ام النفس ؟
فقلت:
مسألة التداخل بين دور النفس والشيطان مسألة معقدة, ولا يمكن لأحد كائنا من كان أن يعطي فيها قولا فصلا, وإنما هي اجتهادات!
أنا أعتقد أن النفس هي الأصل, بمعنى أنها هي التي تبدأ بالميل إلى “معصية” معينة, بينما دور الشيطان دور آخر

الدور الرئيس للشيطان هو التلبيس/ الإيهام في الحكم على الأمور, فيجعل أموراً خاطئة في عين الإنسان صوابا! إذا الشيطان لا يدفع الإنسان لفعل شيء لا يريده
فلا يأتيك مثلاً وأنت تذاكر فيقول لك جارتك الحسناء لماذا لا تنظر إليها أو لماذا لا توقعها؟!
وإنما هو تابع لإرادة الإنسان
“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف : 175]”

فهو قد يجعل الإنسان يتكاسل عما يريد, يبرر له الترك
وكذلك يُجمل ويبرر فعل ما يتردد في فعله
فالإنسان يريد ويخاف فيسهل له الشيطان المسألة ويخففها في عينه
أو يوهمه أنه لا يفعل شيئا خاطئا بارتكابه لهذا الأمر
وأنه ليس عليه حرج في فعله وأنه استثناء من الأمر أو أن هناك حالات استثنائية

لاحظ أنه خدع آدم وزوجه في الحكم على المسألة
“فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف : 20]”
أو يغرر بالناس
“وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً [الإسراء : 64]”
فهو باختصار يضل الناس عن الصراط المستقيم وينشأ لهم سبلاً أخرى موهما لهم أنهم بفعلهم هذا لا يزالون على الصراط المستقيم
فهو يحول الدواء إلى داء, أو يدس السم في العسل, فهو لا يقول للناس تمردوا أو خالفوا الله صراحة, وإنما يقول لهم أن ترك الدنيا هو مرضاة لله وأن التشدد والتضييق والتحريم هو لله!
“قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : 16]”
“فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام : 43]”
“وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام : 137]”
“وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال : 48]”
“تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النحل : 63]”
“إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران : 175]”

هي وساوس تثير الاضطراب:
“إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال : 11]”
“فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل : 98]”
حتى لا يُلبس أو يشوش الأفكار في ذهنك! أو يذهب بك إلى حيث لا يريد النص
“وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً [الإسراء : 53]”
فيدفعك لسوء الظن بكلمة قيلت لك فتفسرها على أسوء احتمالاتها, بينما بالتي هي أحسن يُغلق الباب
والله أعلم

تذكير

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

النظام الخفي

هل تؤمن أنه يوجد “نظام” تعمل أجسادنا تبعاً له؟!-هذا لا يحتاج إلى “إيمان”, كلنا نعلم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.