الإنسان ليس مجبرا

جاءني سؤال يقول:
هل الانسان مجبر عن البحث عن حقيقة الكون والغاية من الحياة، فقد يقول قائل ولماذا اهتم لا يوجد شيء أكيد في الحياة الا انني موجود فلماذا اتعب نفسي في شيء قد يكون سرابا ، لا احتاج الى دين او منهج منهجي ان افعل ما شئت طالما لا اؤذي احدا وهذا حال اللااكتراثيين

فقلت:
الإنسان ليس مجبرا عن البحث عن حقيقة الكون وغاية الحياة, ولكن الإنسان بطبعه يحب أن يكون على “يقين”, لا أن يكون في شك وعماء! يريد أن يكون له موضع قدم صلب يستطيع أن يطأه باطمئنان, يريد أن تكون له أسس وبدايات ذات يقين مطلق يتحرك منها

بخصوص ما تقول:
انت اخترت الحد الأدنى من الحياة, أنني لن أوذي أحدا! وهذا اختيار كثير من الصوفية الذين يعتزلون الحياة ويكتفون بترديد أوراد!
لذا اسمح لي أن أسألك: كيف لن تؤذي أحدا؟! هل ستعتزل مثل الصوفية أم ماذا ستفعل؟!

بالتأكيد سيكون لك تعامل مع غيرك واختلاف معهم! وكذلك وجودك في الحياة سيحتم عليك اختيار مواقف سياسية واجتماعية وإنسانية, فعلى أي أساس ستتصرف؟!
يعني مثلا عندما أحب فتاة, هل يمكنني أن أقيم معها علاقة أم لا بد ان يكون هذا بعد الزواج؟!
عندما يكبر والداي هل علي أن أعتني بهما أم أنشغل بحياتي؟!
هل ينبغي أن يكون لي دور مجتمعي أم اكتفي بذاتي؟!

واستطيع أن أضرب لك الكثير من الأمثال ولكن سأكتفي بأن أقول لك:
كثيرون من الغربيين همشوا الدين من حياتهم لأنهم لا يريدون أحدا يقول لهم افعل كذا ولا تفعل كذا!!
هم يريدون “حرية”, حياة حرة يفعلون ما يشاءون!!
رغما عن أنهم خاضعون شاءوا أم أبوا لقوانين المجتمع ومتقبلين بهذا!
بينما عند الاختيار هل يخضع لإرادة الرب -الهادية الناصحة المهذبة المقومة المخاطبة للقلب والمنيرة له- اختاروا بقصر نظر شديد أن يعتمدوا على أنفسهم, وبعبارة أخرى أن يتبعوا شهواتهم!

وفي النهاية أقول لك:
أنت لست ملاكا -ولا أنا-, وعندما تتحرك تبعا لعقلك فقط تأكد أنك ستجد نفسك في متاهة كبيرة, حيث لا حدود ولا بداية ولا نهاية!
حيث عليك أن تكتشف بنفسك كل شيء! ولن يكون الأمر يسيرا, فالذئب الذي بداخلك قد أطلق سراحه وفُك عنانه,
فأهلا بك في عالم الحيرة .. والشك ..
والأنانية!!

إعادة_نشر

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

عن المشهد التربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.