قصص أطفال مناسب!

فإن حكاية القصص للأطفال تعد من أفضل الأساليب التربوية والتي تعمل مبكراً على تنمية عقل الطفل وقدرته على التصور والتخيل والتأليف, وكذلك التي تٌستغل في غرس القيم الأخلاقية من خلال قصص ممتع.

والحدوتة محبوبة في أي وقت من أوقات اليوم! وكلنا نتذكر كم كنا نلتف بسعادة حول الجدة عندما تحكي لنا حدوتة, وكذلك إذا حدث وحكت لنا المدرسة قصة في اليوم الدراسي!

ويمكنني القول أن “حدوتة قبل النوم” تكاد تصل إلى درجة “الوجوب” على الآباء تجاه أبناءهم!
ولكن يجب مراعاة نقطة هامة قبل بدء القص وهي مناسبة القصص للمرحلة العمرية للأطفال, فلا يكفي أن تكون القصة مصورة للأطفال حتى أحكيها لأبنائي, فربما أحكي قصصا أعلى من استيعابهم فلا يستفيدون منها شيئا!! إلا النذر اليسير!!

فأنا مثلاً كنت أحكي لابنتي قصصا ثم قررت إدخال قصص “كليلة ودمنة” في الجدول الليلي للقص! ثم لاحظت أنها وإن كانت قصصا مصورة مبسطة للأطفال -وليس الكتاب الأصلي طبعا- إلا أنها أعلى منها, وتحتوي حكماً لن تستطيع الوصول إليها!
وفي النهاية اكتفي بحكاية قصة, ربما تكون مسلية لها وربما تكون مملة وغير مفهومة!!
فهي حكاية وانتهى الأمر!!

ونقطة أخرى قد تثير الحساسية عند كثيرين, وهي: الحرص الشديد عند اختيار “قصص الأنبياء” أو قصص الصحابة, وذلك لأن هذه القصص غالباً ما تحتوي على قتل وربما ما هو أكثر من ذلك!! وأذكر على ذلك مثالاً واقعياً:

حيث جرت العادة أني أحكي لابنتي مارية (ذات الخمس سنوات) قبل النوم من “النوت” -قصص أطفال مصورة
ولكن في يوم ما كان النوت يشحن فقلت أحكي لها قصة من الذاكرة,
فقلت أحكي قصة من قصص الأنبياء, فقلت موسى! ثم تراجعت, قصة موسى فيها قتل للأطفال وفيها وفيها
فقلت لا, ليس الآن, قصة سيدنا يوسف جميلة وبسيطة!
وبعد أن بدأت الحكي لاحظت نظرة خوف في عينيها! فشككت ثم سألتها:
انت خايفة يا مارية! فقالت: آه!
فتوقفت ولم أكمل القصة!
نعم قصة سيدنا يوسف جميلة ولكن مشهد البداية فيها مرعب بالنسبة للأطفال الصغار!!
نقطة “غيرة الإخوة من بعضهم, وأن الإخوة قد يؤذون بعضهم بعضا!
والطفل لا يتصور حدوث أذى له من إخوته فهم بالنسبة له حصن أمين وحب وحنان!!
وكذلك وهو الأصعب بالنسبة لهم: “فزع فقدان الوالدين”
“فزع التوهان”

أن يجد الطفل نفسه بلا مأوى .. بلا بابا وبلا ماما!!
هذا أقسى ما قد يخاف منه الطفل في مرحلة عمرية مبكرة!

فمخاوف الطفل غير مخاوفنا وما قد نضحك منه أو نُسر منه قد يكون فزعا بالنسبة لهم!
وبالعكس قد تكون قصص رعب “نفسي” من التي تحبس أنفاسنا لا تعني لهم أي شيء!!

فلنختر بعناية أي قصة نحكي لأبناءنا! فلا يعني أنها من القرآن أو من صحيح “السنة” أنها مناسبة لهم في مرحلة مبكرة من أعمارهم .. فربما تصلح بعد عامين أو أكثر!

أصلح الله ذراريكم وبارك لكم عليها وأقر أعينكم بها!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

المال والسعادة

“قدّر الله الإنسان محتاجاً”هذا هو القدر الرئيس الذي يواجه به الإنسان الحياة، أو لو شئنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.