الاختلاف بين الأجناس

يقينا هناك اختلافات بين ثقافات الشعوب
وكذلك بين تفضيلات وتحبيذات الأفراد نفسها
وبالتأكيد فإن ما أحبه أو أفضله ليس هو الميزان الذي يسير عليه الكون, فقد يرتدي الناس في بلد ما ملابس نراها مضحكة, وثياب الناس في العصور الماضية هي بمعاييرنا ثياب مضحكة, إلا أنها تُتقبل باعتبارها شيء قد انقضى وهو من “التاريخ”.

المشكلة لدى التيار الذي يمثله هذا المقال, أنه يدعوك لتقبل المختلف معك كائنا ما كان
وهذا ما لا يمكن ولا ينبغي بأي حال.
والملاحظ أن السكري صدّر مقاله بقوله:
“فيه فرق شاسع/ ضخم/ رهيب، بين الحاجات اللي انا مش باحب اعملها أو مش مناسبة لي وبين الحاجات اللي مش لازم تتعمل، أو مش مناسبة في المطلق.”
إلا أنه لم يوضح ما هو المعيار للأشياء اللي مش لازم تتعمل أو مش مناسبة في المطلق ولم يذكر حتى نموذجا لها في المقال, وإنما ذكر نماذج لما ينبغي تقبله!

وهنا أذكر أنا لك المعيار للتقبل أو الرفض في الاختلافات الثقافية الحضارية فأقول:
المتقبل هو وجود اختلافات داخل الإطار الطبيعي العام لا تصادمه ولا تهدمه, فإذا هدمت أو صدمت الإطار العام أصبحت غير مقبولة.
فمثلاً:
قد يرتدي الرجال في قبائل إفريقية ملابس جد قصيرة, ويكشفون أجزاء كبيرة من أجسامهم, ولا إشكال في هذا, وقد يرتدي الرجال في بلاد أخرى ملابس قد نعتبرها في بلادنا ملابس نسائية -ولكنها ليست كذلك لديهم-, مثل التنورة الاسكوتلاندية الشهيرة -والتي أصبحت من التراث, وحتى الجلباب الرجالي المصري فلو دققنا النظر فيه, فهو لا يختلف من حيث التصميم عن الجلباب النسائي إلا في أقل القليل وإن كان يختلف طبعا في الألوان والرسومات.

فالمعيار والفيصل هو أن الانسجام مع الإطار العام “الذكورة”, فطالما أن هذه الملابس في أعراف بلادها هي ملابس ذكورية وتختلف بوضوح عن الملابس النسائية, فلا إشكال في هذا, والإشكال عندما يحاول الرجل التشبه بالمرأة, فيرتدي ملابس نسائية أو شبه نسائية,
فهذا ما لا يمكن قبوله ولا الدعوة لقبوله بحجة الاختلافات الثقافية, وذلك لأن المسألة الآن ليست اختلافات ثقافية وإنما هي “فعل تخنثي” صريح
وهو أمر يثير الاشمئزار, وينبغي أن تظل النفس مشمئزة منه, لأن تعويد النفس على قبوله بل وتقبله يموع المسألة لديها ويحطم الحدود بين الذكورة والأنوثة.

في الختام:
السكري ختم المقال بكلام “فكري” هوائي, بدعوته إلى الاشمئزار من “الظلم، الافترا، القهر، الاستغلال، النصب، الرشوة.. دي الحاجات اللي محتاج تكرهها وتقرف من اللي بيعملوها.”
وللأسف نسبة من المثقفين الذين يكتبون كتابات في عالم الفكر بعيدين عن عالم الواقع ينادون بمثل هذه الأشياء مثل أن شرف المرأة عقلها!
فالواحد منهم ينادي بما لا يمكن تحقيقه ولا ينبغي تحقيقه أصلا, فالإنسان لا يمكن أن يشمئز من الظلم ولا الرشوة ولا النصب, يمكن أن يرفضها, لا يتقبلها نعم
إنما يشمئز منها! فهذا ما لا يمكن, فالاشمئزاز شعور
والمشاعر لا يصدرها الإنسان بإرادته وإنما تصدر تبعا لوجود ما يثيرها

المعيارالمحافظةعل ىالاختلاف بين_الأجناس

الخنوثةمهلكةللمجتمع

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الأدب مع الله

سبحانك ربنا المتعالتباركت ربنا الكبيرجلت عظمتك يا عزيزمتفرد أنت بوحدانيتكمتكبر أنت عن كل مثلبةلك الكبرياء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.