سورة الحديد والتذكير بالميثاق

اختلفت كتب أسباب النزول في مكية سورة الحديد ومدنيتها, فقال الجمهور أنها مدنية, وقيل أن صدرها مكي وباقيها مدني أو فيها مدني!

إلا أنه من خلال نظرنا في السورة ظهر لنا أنها مدنية وأنها من أواخر ما نزل في المدينة (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا, وكذلك: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد ..)

وأنها التالية نزولا للتغابن, (وليس ل: الزلزلة), في نفس الأجواء التي نزلت فيها التغابن, حيث القبائل والأعداد الكبيرة من المتحولين الجدد إلى الإسلام حيث أكثر (أو نسبة كبيرة من) الداخلين في الإسلام من أهل الكتاب

وكان المسلمون في عسر بسبب تلك المصيبة التي نزلت بالمسلمين (والمشار إليها في التغابن, والتي كانت غالباً في الأرض/ الزرع). وفي التغابن (وما سبقها من السور) كانت الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله, وكان هناك من الداخلين في الإسلام من يبخل ويأمر الناس بالبخل

وبطبيعة الحال لم يكن من دخل في الإيمان قد ترسخ الإيمان في قلبه, فأنزل الله العليم سورة الحديد آمرا هؤلاء بالإيمان التام بالرسول الأخير (كما آمنوا بمن قبله من الرسل, مذكراً إياهم بالميثاق المأخوذ منهم مسبقاً: وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين) وكذلك آمراً بالإنفاق نصرة للدين (وهو المحور الذي تدور السورة في فلكه)

وخُتمت السورة بالحديث عن قسوة قلوب الذين أوتوا الكتاب لما طال عليهم العهد, وكذلك عن الرسل والنبوة والكتاب وابتلاء الله الناس ليعلم من ينصره ورسله بالغيب, ثم الختم بتكرار الأمر بالإيمان بالرسول ليؤتوا كفلين من رحمته (لإيمانهم بالرسل السابقة وبالرسول الخاتم).

والسورة امتداد صريح لسورة التغابن حيث نفس المواضيع والمحتوى تقريبا (مع زيادات مناسبة للحال الجديد), فكلتاهما بدأ بالتسبيح وبأن له الملك وأنه على كل شيء قدير, وكما كان التركيز في التغابن على علم الله بأعمال العباد, كان التركيز في الحديد كذلك على علم الله “يعلم ما في السماوات والأرض, عليم بذات الصدور, بما تعملون بصير

ونجد الأمر بالإيمان بالله ورسوله في السورتين, وكذلك الأمر بالإنفاق والحديث عن إقراض الله قرضا حسنا (لاحظ في التغابن كان الشرط: إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ ..
وفي الحديد كان الحديث عن الذين استجابوا وأقرضوا بالفعل: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ ).

ونلاحظ كذلك استمرار الحديث عن النور: والنور الذي أنزلنا .. يسعى نورهم بين أيديهم/ نقتبس من نوركم!

آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير .. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا (ليخرجكم من الظلمات إلى النور), إحياء القلوب. الالتزام بالميثاق المأخوذ حتى لا يكونوا مثل السابقين من أهل الكتاب. يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها .. ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها!

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)

ثم تحس السورة على الإنفاق بالقول أن هذا قرض لله فمن ذا الذي ينال هذا الشرف وله المضاعفة والأجر الكريم يوم ترى المؤمنين (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم لإنفاقهم).. يوم يطلب المنافقين إلى الذين آمنوا الانتظار ليأخذوا من نورهم (فيريدون أن يقترضوا منهم في ذلك اليوم) فيقال لهم ارجعوا فيفصل بينهم بسور, وعندما ينادونهم يردون عليهم بأنهم فتنوا أنفسهم وغرتهم الأماني (لا يعلمون الكتاب إلا أماني, ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب)

فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ومأواكم النار (فإذا كان الحال أنكم ستتمنون الإنفاق لتنجوا أنفسكم في اليوم الآخر ولن يقبل منكم فلماذا لا تفدون أنفسكم في الدنيا بالإنفاق؟)

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)

ثم يسأل الله المؤمنين ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم في قسوة القلوب, ويأمرهم بالعلم أن الله يحيي الأرض بعد موتها (وكذلك يحيي القلوب), ثم يخاطب الله المؤمنين بأن المصدقين المقرضين منهم لهم المضاعفة والأجر الكريم,

والذين آمنوا بالله ورسله (من أهل الكتاب) هم الصديقون والشهداء ولهم أجرهم ونورهم وأما الكفار المكذبون فلهم الجحيم. ثم يأمر الله بالعلم بحقيقة الحياة الدنيا حتى لا يغتر بها أحد فتكون سببا في الإمساك والبخل, ثم يأمر الله بالمسابقة إلى المغفرة والجنة (بالإنفاق) ويذكرهم بأن أي مصيبة تنزل هي في كتاب قبل أن تُبرأ (وليس من قبل خلق السماوات والأرض) لكيلا يحزن الناس الحزن الشديد ولا الفرح المطغي بغير الحق فيؤدي إلى الاختيال والفخر, فأولئك الذين يبخلون ويأمرون بالبخل لا يحبهم الله وهو الغني الحميد:

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)

ثم يذكر الله بموقف الناس من الرسل والكتاب (ليحث هؤلاء على الإيمان بالرسول) فهو أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط و(هيئ لكم الوسائل المادية التي تتخذونها ف) أنزل الحديد ليعلم من ينصره ورسله بالغيب (فأمركم بالإنفاق هو ابتلاء ليعلم من ينصره)

ولقد أرسل الله نوحا وإبراهيم وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب فمن الناس من اهتدى وكثير منهم فاسقون, (ومع تطاول الأمد) كان يقفي على آثار هؤلاء الأنبياء السابقين بالرسل وبآخرهم قبل الرسول عيسى بن مريم وجعل في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية (فهؤلاء زهدوا في الدنيا وتركوها كلها, وأنتم لا تؤمرون بهذا وإنما بالإنفاق فقط وعدم البخل) فمن آمن منهم أوتي أجره وكان كذلك كثيرُ منهم فاسقين:

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)

ثم تُختم السورة بالمحور الرئيس لها بالأمر المباشر للمؤمنين من أهل الكتاب بتقوى الله والإيمان بالرسول والقول بأنهم سيؤتون كفلين من رحمته ويجعل لهم نورا يمشون به ويغفر لهم (فسقهم) والله غفور رحيم لأن أهل الكتاب لا يعلمون أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله وهو ذو الفضل العظيم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)

وبعد أن بيّنا للقارئ الوحدة الموضوعية للسورة ندعوه لأن يعيد قرائتها مجددا على مرة واحدة فسيرى فيها اتصالا بديعا وسيفتح الله عليه فيها بإذنه ما لم نذكر نحن إنه هو الفتاح العليم, والحمد لله رب العالمين.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

في توالد المفردات في البدء كان “الاسم”

في مقالين سابقين تحدثت عن نشأة “التسمية”, أي كيف تم إعطاء دوال للمدلولات, فلم تعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.