مبدئيا أرجو ألا يدفعك الملل إلى أن لا تكمل قراءة المقال القصير!
ولأنه عن الملل فلن أطيل!
في عصرنا الحديث .. عصر التكنولوجيا والذكاء الصناعي
واللذان أتاحا للإنسان أن ينجز الكثير في وقت قليل قصير
أصبح الإنسان قادرا على أن يقوم بالكثير والكثير مما كان الإنسان فيما مضى يحلم بإنجاز معشاره .. ولكنه لا يجد الوقت الكافي لذلك
بسبب إنشغالات الحياة الكثيرة!
وهكذا أصبح متاحا لإنسان عصرنا الحالي الكثير والكثير من “الإمكانيات” الحياتية، كثير من الأمور التي يحبها ويسعى لتحقيقها أو الاستمتاع بها أو ممارستها أو تجربتها أو لتعلمها أو .. أو.
ومن ثم كان من المفترض -نظريا- أن نجد الإنسان “الحديث” لا يجد في يومه متنفسا .. وذلك لأن “التطبيقات” الحياتية ملأت وقته ويومه
وهو يجاهد مستعينا -بالذكاء الاصطناعي- في وضع جدول ليومه ولأسبوعه ليستطيع به أن يلم ببعضها تعلما، وأن يمر مرور الكرام (أو العجال) على بعض آخر، وأن يمارس بعضا ثالث وأن يكتسب مهارات جديدة … الخ
ولكن -وبغض النظر عن الاستثناءات- لم يحدث شيء من هذا!
(على المستوى الفردي الحياتي، بينما أفاد في المستوى العملي المؤسساتي التصنيعي الانتاجي)
وإنما ما حدث هو العكس بحذافيره!
فوجدنا الأكثرية الساحقة من الشباب والأطفال يشتكون الملل!
فهم في حالة ملل شبه دائم!
لا يصبرون على إكمال عمل طويل بعض الشيء
ولا حتى على مشاهدته!
وإنما يشاهدون فقط “أقصر القصير”
ويفعلون أسهل اليسير
ولنا هنا أن نتساءل:
هل حققت “الوفرة” والتنوع السعادة والقوة؟
أم
أنها أدت إلى ملل وكآبة وسخط وضعف؟
(مع قلة إمكانياتنا قبل قرابة ثلث/ نصف قرن كنا نعاني الملل بدرجة يسيرة لا تقارب بحال ما لدى الأطفال تحديدا)
وهل نحن بحاجة إلى مزيد انتاج
أم بحاجة إلى تحسين أنفسنا وتهيئتها للاستفادة بما لدينا فعلا؟!
وهل “المادة” هي ما تصنع السعادة
أم النفس الواعية هي القادة على تحقيقها وانتاجها؟
هل ترى أننا وصلنا إلى درجة من “الإغراق” الفني والفكري
(على مستوى الكم ولا أقصد هنا الكيف من حيث الجودة والرداءة)
وأننا ننتج أكثر مما نحتاج أو نتحمل
أم
أن الانتاج مناسب للاحتياج؟
وختاما:
هل ترى أن الملل بسبب قلة الواجبات والإلزامات، وأن الترفيه يكون مؤثرا ممتعا بعد الجهد والنصَب بينما بدونهما سيكون حال الإنسان لا محالة هو الملل، مثل الأكل على شبع؟!!
الفلسفة_التسييقية
حول الوفرة المُملة
حول الإملال