النظام الخفي

هل تؤمن أنه يوجد “نظام” تعمل أجسادنا تبعاً له؟!
-هذا لا يحتاج إلى “إيمان”, كلنا نعلم أن أجسادنا تعمل بنظام جد دقيق, وطالما أنك لا تصادم هذا النظام فإن الجسد يعمل بسلام, فإن خالفناه فإن هذا الجسد إما يعطب وإما يموت.

جيد, هل تؤمن أن هناك “نظام” مماثل تخضع “أعمالنا” له؟!
بحيث إذا اتبعه الإنسان أثمرت أفعاله .. وكتب لها النجاح
وإن لم يتبعه واجه صعوبات ومشاق, وإذا خالفه مخالفة صريحة فشلت مساعيه ولم يصل إلى مبتغاه؟

  • كلنا يؤمن بهذا “النظام” ولكننا نظنه نظاما بسيطا “كلياً” .. كأنه مجموعة القواعد الكلية, مثل: من جد وجد ومن زرع حصد, ومثل:
    لولا المشقة ساد الناس كلهم ..
    وما شابه!

وهذه هي المشكلة أننا لا نرى أن هذا “النظام” لا يقل تعقيداً عن النظام الذي تسير عليه أجسادنا, وأنه لا يقتصر على القواعد الكلية, وإنما هناك الكثير من “القوانين/ السنن” ذات درجات متفاوتة
فمنها: شبه الكلي, ومنها: العام الخاص,
ومنها: الخاص العام
ومنها: الخاص, ومنها: الفردي …
ومنها ومنها!
ولهذا يعجب الإنسان عندما يفشل, متسائلا أين موضع الخلل, ظاناً أنه قد أتى بكل -أو جل- ما يستلزمه الأمر, بينما هو لم يأت إلا بأقل القليل!

ولأننا “ننسى” هذه النظم -كما ننسى الله- في حياتنا
فإننا نستخدمها ونتبعها في جوانب من حياتنا, بينما نعرض عنها في جوانب أخرى كثيرة
فمنا من يتبعها في العمل وينساها في حياته
ومنا من يتبعها في التعامل مع الآخرين لتحقيق تفوق أو لجذب حبيب وينساها ما عدا ذلك.
ومنا من يتبعها في التربية وينساها ما عدا ذلك!

مشكلتنا أننا نتعامل مع المواقف التي تمر بنا على أنها أفعال منفصلة مستقلة, لا يوجد رابط يجمعها, فنأتي لكل فعل منها برد فعل لحظي!
(وفي الواقع لا يمكننا إلا هذا, طالما أننا لا نعرف لماذا حدث ما حدث أصلاً) ولهذا نستمر في السير في الطريق الخاطئ المهلك!
لأننا لا نبصر أن ما نقوم به هو مجموعة أفعال (بمجموعها تمثل طريقا) عاقبتها لا محالة الهلاك!

ولهذا يتحول بعضنا عن طريق النجاح في الخطوة قبل الأخيرة
لأنه لا يرى كم مشى وكم بقى!
ولأنه لا يعلم هل سيترتب على سعيه هذا شيء!

في النهاية أود أن أقول:
إن أفعالنا محكومة بقوانين “لينة” الحتمية, وعلينا ألا ننسى هذا!
وأن نتذكر أن ما يجري في حياتنا ومجتمعاتنا ليست مجرد أفعال عبثية أو اعتباطية
وإنما هناك نظام -لين- الصرامة يعمل في الخفاء, وعلينا أن نستكشف أكبر قدر من هذه القوانين
حتى لا نظل نصدم رؤوسنا بجدران “القدر”!

النظام_الخفي

الأقدار

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الأدب مع الله

سبحانك ربنا المتعالتباركت ربنا الكبيرجلت عظمتك يا عزيزمتفرد أنت بوحدانيتكمتكبر أنت عن كل مثلبةلك الكبرياء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.