رحلة الإنسان

تأملت في رحلة الإنسان في الحياة
فوجدت أن كل إنسان حالة فردية ..
فريدة .. ذات فرادة!

فكل الناس يولدون لا يعلمون شيئا, ولكنهم يتعلمون وهم يكبرون!
ونمو الأجساد تقريبا واحد بين البشر,
ورغما عن هذا فلا توجد بين هذه المليارات الثمانية من البشر شخصيتان متماثلتان.

وذلك لأن نمو العلوم والمعارف والعقول يختلف ويتابين بين البشر,
بين مقبل على المعرفة مفنٍ نفسه في طلبها وفي التصنيف حولها,
وبين مكتفٍ بأقل القليل,
وبين معرض لا يعلم إلا عمله.

ونعود فنؤكد أن شخصية الإنسان ليست مجرد معارف وعلوم,
ولكنها كذلك أثر مجتمعي ثقافي,
وهي كذلك “نفس” الوالدين واللذان سكباها في طفلهما,
وهي كذلك الأخلاق التي يُنشأ عليها!
وهي كذلك ثنائية التقبل والرفض/ التشرب والصد, الموجودة لدى كل طفل منا! والتي تجعله يتقبل معارف وفنون ويعرض عن أخرى!

والأهم بعد ذلك كله هو: المراحل العمرية المختلفة التي يمر بها الإنسان, من مراهقة لشباب لرجولة لكهولة لشيخوخة, وبعبارة أخرى المشاعر المرتبطة بكل مرحلة عمرية, من فورة المراهقة, لبرود الشيوخ, من حدة الشباب للين الكبار, والتي تضع كل هذه المكتسبات تحت “نار” الفحص, فتنضج بعضها وتحرق أخرى, وتذيب ثالثة, وتدمج رابعة بسادسة, وتصقل سابعة.

ثم العنصر الحاسم هو: الأنا, التي تتشكل بعد عقود من العمر, ومن معالجة الواقع بالنظرية, ويتمسك الإنسان بها, فتتكون لديه تطبيقه الخاص للمنظومة الأخلاقية, وميزانه للأمور, ورؤيته لنفسه
فيرى نفسه تاجرا أو موظفا أو أبا أو عالما أو تابعا أو أو
ولكن رغما عن هذا فإن الحياة/ القدر لا يتوقف ولا يسير تابعاً للإنسان كيفما يشاء وكيفما يصنف نفسه, وإنما يستمر في إعطاءه الدروس و “الآيات”, التي يفترض أن يتعلم ويستفيد منها .. أو قد يعرض ويتولى عنها!

وهكذا فإن الله كتب على الإنسان أن يظل طيلة عمره متعلما, متزكيا .. مقوما لنفسه وسلوكه
وقليل من يكمل هذه الرحلة وهذا المسير مع الرب وقضاءه
وكثيرٌ من يتحجر ويرضى بالصورة التي كونها لنفسه, وبالتوقعات التي ينتظرها من العالم (الرب)

وعندما أقف فأنظر في المسارات التي قطعها -ويقطعها- مليارات البشر, أسبح ربي حامداً إياه ..
فما أعظم المسار الذي “قدره” الله لعباده,
والذي أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا,
فعلمهم وفهمهم .. وأجرى عليهم تقاليب قدره
فصاروا إلى ما صاروا إليه من منازل في الدنيا والدين والعلم
فلله الحمد والفضل.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

تقديم المبصر

“-من فضلك ارتد هذه “العوينات/ النضارة” لترى جيدا!يا أستاذ .. اسمعني .. أجبني! لماذا؟ من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.