سورة الانشقاق

نتناول اليوم بعون الله وفضله سورة من قصار السور وهي سورة الانشقاق, وعلى الرغم من أن السادة المفسرين نجحوا في إعطاء تصور عام للسورة ونجحوا كذلك في تعاملهم الجزئي مع مفردات السورة إلا أنهم كلهم تقريبا لم يقدموا لنا المنظور الكامل والتصور الشامل لهذه السورة وذلك لاتباعهم المنهج التقطيعي الفصلي في فهم سور القرآن الكريم, فلم يوضحوا لنا ما العلاقة الحتمية بين الآيات الواردة في أول السورة وبين باقيها.

لذا نبدأ في تناول هذه السورة لنوضح كيف أن القرآن كله كتاب كامل لا محذوف فيه ولا ترك, ولنعرض الاستدلالات القرآنية العبقرية والنبؤات الربانية المتحققة:
تبدأ السورة بقوله تعالى: “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)” وقبل أن نتناول هذه الآيات آية آية نتوقف لنقول:
نلاحظ أول ما نلاحظ ورود خمس آيات متصلات, تبدأ منهما إثنتان ب “إذا”, فكيف فهم السادة المفسرون “إذا” الواردة في هاتين الآيتين؟

الناظر في كتب التفسير قاطبة يجد أنها تجمع على أن “إذا” في هاتين الآيتين هي إذا الشرطية, وبما أنها شرطية فلا بد لها من جواب. والناظر في السورة لا يجد أن هناك أي جواب لها. ولقد احتار المفسرون في إيجاد هذا الجواب, ونعرض للقارئ أقوالهم في مسألة جواب “إذا” من خلال تفسير الفخر الرازي, حيث يقول:

“اعلم أن قوله تعالى : { إِذَا السماء انشقت } [ الإنشقاق : 1 ] إلى قوله : { يا أيها الإنسان } شرط ولا بد له من جزاء واختلفوا فيه على وجوه أحدها :
قال صاحب الكشاف : حذف جواب إذاً ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أدخل في التهويل وثانيها :
قال الفراء : إنما ترك الجواب لأن هذا المعنى معروف قد تردد في القرآن معناه فعرف ، ونظيره قوله : { إِنَّا أنزلناه فِى لَيْلَةِ القدر } [ القدر : 1 ] ترك ذكر القرآن لأن التصريح به قد تقدم في سائر المواضع وثالثها : قال بعض المحققين : الجواب هو قوله : { فملاقيه } وقوله : { يأَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحاً } [ الإنشقاق : 6 ] معترض ،
وهو كقول القائل إذا كان كذا وكذا يا أيها الإنسان ترى عند ذلك ما عملت من خير أو شر ، فكذا ههنا . والتقدير إذا كان يوم القيامة لقي الإنسان عمله ورابعها : أن المعنى محمول على التقديم والتأخير فكأنه قيل : يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت وقامت القيامة وخامسها :
قال الكسائي : إن الجواب في قوله : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كتابه } [ الإنشقاق : 7 ] واعترض في الكلام قوله : { يأَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ } والمعنى إذا السماء انشقت ، وكان كذا وكذا من أوتي كتابه بيمينه فهو كذا ومن أوتي كتابه وراء ظهره فهو كذا ، ونظيره قوله تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } [ البقرة : 38 ] ، وسادسها : قال القاضي : إن الجواب ما دل عليه قوله : { إِنَّكَ كَادِحٌ } كأنه تعالى قال : يا أيها الإنسان ترى ما عملت فاكدح لذلك اليوم أيها الإنسان لتفوز بالنعيم” اهـ

فكما ترى عزيزي القارئ فهم متحيرون في تحديد جواب الشرط, وقال بعضهم أنه ” فأما” ولكن هذا جد بعيد! فهذه الآية مرتبطة بالآية السابقة لها وليس لها أي علاقة بأول السورة! 
ولضعف هذا الاحتمال وجدنا عامة المفسرين قالوا أن جواب الشرط محذوف متروك للقارئ لوضوحه! والقول بالحذف في القرآن مرفوض مردود بداهة وفيه تقول على الله عزوجل بلا علم ولا مستند إلا الخرص. فإذا نحن رفضنا القول بحذف الجواب ونظرنا في السورة فلن نجد أي جواب مناسب بأي حال, فأين جواب “إذا” إذن؟

المشكلة أن السادة المفسرين فصلوا هذه السورة عن السورة السابقة لها على الرغم من أنها تكملها وتدور في فلكها, وسيرى القارئ هذا من خلال تناولنا للسورة وربطنا لها بسابقتها.
أما نحن فلا نقول أن “إذا” هذه شرطية بل هي مرتبطة بالآيات الأخيرات الواردات في سورة المطففين, فالله تعالى يقول:
“إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)”
ثم تبدأ السورة التالية بقوله تعالى ” إذا السماء انشقت ….” فنلاحظ أن الله تعالى قال في آخر سورة المطففين “فاليوم الذين ….. هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ” هذا اليوم مفهوم بداهة أنه اليوم الآخر, ولكن حتى لا يترك القرآن أي لبس للقارئ أكمل الصورة بقوله: “هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون إذا السماء انشقت ….. ” أي هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون إذا حدث كذا وكذا وكذا؟

وبداهة تأتي الإجابة من الإنسان الذي يعرف كيف يكون حال الكفار في هذا اليوم. إذن ف “إذا” هنا مرتبطة بقوله تعالى ” هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون” فلا نبحث لها عن جواب الشرط في السورة لأنه لا يوجد ببساطة.
وبعد أن عرفنا ما هو متعلق “إذا” الواردتين في أول السورة نبدأ في تناول السورة, فنقول:
بدأت السورة بقوله تعالى” إذا السماء انشقت” وانشقاق السماء ورد في القرآن في موضعين إثنين وهما قوله تعالى “َفإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن : 37]” وقوله “وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ [الحاقة : 16]” أما ما ورد في سورة الفرقان وهو قوله “وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً [الفرقان : 25]”
فليس هو ما قالته الآية لأن الانشقاق غير التشقق. فهذا فعل واحد وشق واحد أما التشقق ففعل مكرر وشقوق كثيرة.
” وأذنت لربها وحقت” المشتهر في تفسير هذه الآيات أن المراد من ذلك هو الاستماع والطاعة لأمر الله تعالى, وهذا هو الوارد في أقوال المفسرين كما أورد الإمام الفخر الرازي:
“أما قوله : { وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } ومعنى أذن له استمع ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : « ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن » وأنشد أبو عبيدة والمبرد والزجاج قول قعنب :
صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به … وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا

والمعنى أنه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله تعالى في شقها وتفريق أجزائها ، فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المالك أنصت له وأذعن ، ولم يمتنع فقوله : { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [ فصلت : 11 ] يدل على نفاذ القدرة في الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلاً ، وقوله ههنا : { وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } يدل على نفوذ القدرة في التفريق والإعدام والإفناء من غير ممانعة أصلاً ، وأما قوله : { وَحُقَّتْ } فهو من قولك هو محقوق بكذا ، وحقيق به . يعني وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع وذلك لأنه جسم ، وكل جسم فهو ممكن لذاته وكل ممكن لذاته فإن الوجود والعدم بالنسبة إليه على السوية ، وكل ما كان كذلك ، كان ترجيح وجوده على عدمه أو ترجيح عدمه على وجوده ،

لا بد وأن يكون بتأثير واجب الوجود وترجيحه فيكون تأثير قدرته في إيجاده ، وإعدامه ، نافذاً سارياً من غير ممانعة أصلاً ، وأما الممكن فليس له إلا القبول والاستعداد ، ومثل هذا الشيء حقيق به أن يكون قابلاً للوجود تارة ، وللعدم أخرى من واجب الوجود ” اهـ

ولا خلاف تقريبا في “الأذن” في أنه بمعنى الاستماع والخضوع والطاعة ولكن هل المقصود من قوله تعالى ” وأذنت لربها” هو ما أورده الإمام الفخر الرازي؟

بداهة ما يقوله الرازي كلام جميل عام ولكنه ليس متعلقا بهذه الآية. ومعنى الإذن متعلق بالآية الماضية ولكن سبب ذهول الرازي وغيره من المفسرين عن تحديد المعنى المراد هو فهمهم لقوله تعالى ” وحقت” حيث يرون أن معنى “حقت” هو حُق لها. وبداهة هذا غير ذلك. والذي أراه ويظهر لكل قارئ محايد أن ال “حق” هنا هو فعل متعلق بالسماء نفسها يُفعل بها فهي “تُحق” لا أنه “حق لها”, ولكن ما هو الحق وكيف تُحق السماء؟

إذا نحن نظرنا في المقاييس وجدناه يقول:
“الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحّته. فالحقُّ نقيضُ الباطل، ثم يرجع كلُّ فرعٍ إليه بجَودة الاستخراج وحُسْن التّلفيق ويقال حَقَّ الشيءُ وجَبَ. …… وفي حديث عليّ عليه السلام: “إذا بلغَ النِّساء نَصَّ الحقَاقِ فالعَصَبَةُ أوْلى”.قال أبو عبيدٍ: يريدُ الإدراكَ وبُلوغَ العقل. …. ويقال ثوبٌ مُحَقَّقٌ، إذا كان محكم النّسج. قال:
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجهِ أبيك إنّا كفَيناك المحقَّقَة الرّقاقا
والحِقَّةُ من أولاد الإبل: ما استحقَّ أن يُحمَل عليه، والجمع الحِقاق. …….. والحُقُّ: مُلتقَى كلِّ عظمَين إلا الظهرَ؛ ولا يكون ذلك إلا صُلباً قوياً.ومن هذا الحُقّ من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطَبَقُه. ……. ويقال أحَقَّت الناقة من الرّبيع، أي سَمِنَت ……… ” اهـ

الحق معروف كمعنى مجرد بالنسبة لكل الناس ولكنه يأتي كذلك لفعل فوجدناه يأتي كوصف للثوب المحكم وللإبل البالغة التي يُحمل عليها وللنساء إذا بلغن وعقلن. فكيف نسقط هذه الأوصاف على السماء؟

إن إسقاط هذه الأوصاف على السماء والأرض هو مفتاح فك شفرة ارتباط هذه الآيات بما يليها, فالله تعالى يقول للإنسان: إذا السماء انشقت وخضعت لربها وسمعت لقوله وحُقت أي أحكمت مرة أخرى وصارت على شكلها المحكم المتصل بلا شقوق ولا فروج. ( أما على قولهم وحق لها, فهو مخالف للآية ولا رابط بين الآيات وبعضها) . وكذلك : “وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت ” ومعنى الآيتين الأوليتين واضح لذا وجدنا السادة المفسرين يقولون فيهما,
كما ورد عند الإمام الفخر الرازي:
“أما قوله : { وَإِذَا الأرض مُدَّتْ } ففيه وجهان الأول : أنه مأخوذ من مد الشيء فامتد ، وهو أن تزال حبالها بالنسف كما قال : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً } [ طه : 105 ] يسوي ظهرها ، كما قال : { قَاعاً صَفْصَفاً * لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً } [ طه : 107 106 ]
وعن ابن عباس مدت مد الأديم الكاظمي ، لأن الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى والثاني : أنه مأخوذ من مده بمعنى أمده أي يزاد في سعتها يوم القيامة لوقوف الخلائق عليها للحساب ، واعلم أنه لا بد من الزيادة في وجه الأرض سواء كان ذلك بتمديدها أو بإمدادها ، لأن خلق الأولين والآخرين لما كانوا واقفين يوم القيامة على ظهرها ، فلا بد من الزيادة في طولها وعرضها ،
أما قوله : { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } فالمعنى أنها لما مدت رمت بما في جوفها من الموتى والكنوز ، وهو كقوله : { وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا } [ الزلزلة : 2 ] { وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ } [ الإنفطار : 4 ] { وَبُعْثِرَ مَا فِى القبور } [ العاديات : 9 ] وكقوله : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً * أَحْيَاءاً وأمواتا } [ المرسلات : 26 25 ] وأما قوله : { وَتَخَلَّتْ }
فالمعنى وخلت غاية الخلو حتى لم يبق في باطنها شيء كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو ، كما يقال : تكرم الكريم ، وترحم الرحيم . إذا بلغا جهدهما في الكرم الرحمة وتكلفاً فوق ما في طبعهما” اهـ
وبعد أن مدت الأرض وألقت ما فيها وتخلت تأذن لربها فتسمع وتطيع وتستجيب, وحقت أي وعادت محكمة بلا شقوق ولا عوج ولا خلل.

إذا فعلى فهمنا نكون قد أظهرنا الرابط بين هذه الآيات والآية التالية وكل السورة وهو أن الله تعالى يذكر للإنسان مواقف يحدث فيها التغير بالهدم والخلل والنقص ولكن عندما يأمر الله تعالى تأذن هذه الكائنات الجبارة العظيمة لربها وتُحق فتتحور وتعود محكمة كما أراد الله عزوجل. فإذا كان الله سيفعل هذا مع ما هو أكبر خلقا من الإنسان “لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [غافر : 57]” فإنه مع الإنسان أهون.
إذا فالله تعالى يعرض في أول السورة مشهد من مشاهد اليوم الآخر يحدث فيه بأمر الله هدم وإعادة لما هُدم. ثم يخاطب الإنسان بقوله “يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه” وكما قلنا فإن هذه السورة مرتبطة بما قبلها, فالله تعالى قال في آخر السورة الماضية بالسؤال عن جزاء أفعال الكافرين في الدنيا ” هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون” وهنا يذكر الإنسان بوجوب إصلاح عمله في الدنيا حتى لا يكون من ضمن هؤلاء الكافرين الخاسرين, فيقول له: “يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه” والكدح معروف
وهو كما جاء في اللسان:
“الكَدْح: العمل والسعيُ والكسبُ والخَدْشُ. …. ومنه قوله تعالى: إِنك كادِحٌ إِلى ربك كَدْحاً أَي ناصِبٌ إِلى ربك نَصْباً؛ والكَدْحُ بالسنّ: دون الكَدْم بالأَسنان، والفعل كالفعل؛ وقيل: الكَدْحُ قَشْرُ الجلد يكون بالحجر والحافر. ……. وكلُّ أَثَرٍ من خَدْشٍ أَو عَضٍّ فهو كَدْح” اهـ
وهو كما جاء في المقاييس: “الكاف والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تأثيرٍ في شيء. يقال كَدَحه وكدّحه، إذا خَدَشَه…..” اهـ
( وليلاحظ القارئ الشبه بين الكدح والقدح في المبنى والمدلول, وكذلك بين الكدح والكدم!!!)

إذا فالله تعالى يقول للإنسان إنك تسعى وتجد وتتعب وترهق نفسك في الدنيا لا محالة, فليست الدنيا دار راحة أو هناء وإنما هي دار شقاء وتعب وتفكر!

فالكدح ملازم لك إلى أن تصل إلى ربك فتلاقي ما كدحت, إما خيرا وإما شرا.
ونلاحظ هنا أن الله تعالى استعمل كلمة الكدح والتي تدل على الخدش والجرح ليشير للإنسان المتذوق أن كل ما ستقترفه قابل للجمع والتكوين مرة أخرى وستقابله يوم القيامة, فالذي حق السماء والأرض بعد شقها ومدها قادر على إحضار ما اقترفته يداك, أفلا يقدر على إحضارك أنت؟!
وفي هذا الموقف من البدهي أن ينقسم الناس إلى قسمين:

“فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا” فهذا الإنسان الفائز بشارة بأخذه كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وأورد الإمام البخاري في صحيحه في هذه الآيات عن الرسول الكريم: ” عن ابن أبي مليكه أن عائشة زوج النبي ورضي الله عنها كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه،

وأن النبي قال: “من حوسب عذب”، قالت عائشة رضي الله عنها فقلت: أوليس يقول الله تعالى: }فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً{ (الانشقاق: 8)، قالت: فقال: “إنما ذلك العرض؛ ولكن من نوقش الحساب يهلك” اهـ

“وينقلب إلى أهله مسرورا”, لا نجد أي ذكر للأهل في هذه السورة, فلم ذكرهم الله عزوجل هنا؟
كما قلنا فإن هذه السورة مرتبطة بالسورة الماضية حيث وجدنا الله تعالى يقول: “إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ” فكان هذا هو موقف المجرمين في الدنيا أما في الآخرة فينقلب المؤمن الصالح إنقلابا أبديا لا رجعة عنه ولا فيه إلى أهله مسرورا في جنات النعيم, بخلاف موقف المجرمين المنقطع لا محالة. “وأما من أوتي كتابه وراء ظهره” أي أن الصنف الآخر يأخذ كتابه بشماله كما ورد في قوله تعالى ” وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ [الحاقة : 25]” لأن هذا يأخذ باليمين فالآخر يأخذ بالشمال وراء ظهره, “فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا” فلما لم يأخذ كتابه باليمين عرف أنه من الهالكين فسوف يدعوا ثبورا ويستمر في دعواه إلى أن يصلى سعيرا فيذوق حرارة النار, ولا تنقطع دعواه بل تستمر كما هي,

كما جاء في قوله تعالى “ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً [الفرقان : 13]” ثم يبدأ الله تعالى في توضيح سبب خسران وثبور هذا الإنسان فيقول:
“إنه كان في أهله مسرورا” وكما قلنا فإن هذه السورة مرتبطة بالسابقة, فنجد الله تعالى يقول هناك: “إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ” فهؤلاء يسخرون من المؤمنين ويطعنون فيهم ويعيشون في لهو ولعب بعيدين تمام البعد عن الإيمان والتفكر, فهم قوم لاهون مسرورون بكفرهم وبأهلهم من الكافرين.

ونلاحظ أن الله تعالى قال “إنه كان في أهله مسرورا” ولم يقل “إنه كان مسرورا في أهله” والفارق بينهما كبير, فلو قال الثانية لكان مجرد سرور الإنسان وسط أهله جالب للنار, أما على قول الله الوارد فهو يريد الإشارة إلى أن هذا الإنسان كان مسرورا في وسط أمثاله من الكافرين, أي أن سبب خسرانه هو كونه مسرورا بكفره عندما يكون وسط الكافرين الذين يشاركونه الكفر والاستهزاء بالمسلمين المؤمنين, كما يفعل الملاحدة الآن مثلا, فهؤلاء هم أهله. ونلاحظ أن المؤمن الصالح انقلب إلى أهله مسرورا أما الكافر فسبب هلاكه كان سروره الباطل.

“إنه ظن أن لن يحور” فهذا الكافر ظن أنه لن يرجع إلى الحياة مرة أخرى, ونلاحظ أن الكافر يتصرف في حياته كلها مع أن مستنده فقط هو الظن, فليس عنده أي دليل قاطع على عدم الحور, بخلاف الأدلة على الحور فهي كثيرة تصل إلى اليقين, والحور كما ورد في اللسان:
“الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء …… وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد: وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ، يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ ….. والحَوْرُ النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض، وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ …. والمَحارُ: المرجع؛ قال الشاعر: نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ …… والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص . ….. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه …” اهـ

وكلمة الحور قد تكون غريبة بعض الشيء على القارئ ولكنها مما نستعمله ونعرفه, فنحن نسمع دوما عن التحور الذي يحدث للكائنات, وكذلك نعرف المحار الذي يتحور ويتكون فيه اللؤلؤ! فالله تعالى يعلل خسران هذا الإنسان لأنه ظن أن لن يحور أي إذا تغير من حال إلى حال فمات وصار ترابا فلن يرجع! ولكن الله تعالى الذي عرض له بعض صور التحور في أول السورة قادر على فعل ذلك.

فيرد الله تعالى عليه قائلا: “بلى إن ربه كان به بصيرا” أي بلى ليحور ويرجع فإن ربه كان به بصيرا في الدنيا منذ نشأته وتكونه وتحوره في بطن أمه وأثناء كدحه في حياته إلى موته وتحوره وتحلله وسيحوره مرة أخرى فيبعثه يوم البعث. والملاحظ أن الطبيعة كلها تدور في محاور!

فالطبيعة كلها تدور في دوائر مبنية على التكرار من منشأ وتطور وتحور ووصول إلى القمة ثم هلاك ثم نشأة مرى أخرى وهكذا ففي كل هذا إشارة إلى إمكانية البعث أما الإنسان فيظن أنه استثناء فهو سيخترم هذه الدائرة ولن يرجع!!!

ثم ينتقل الله تعالى ليقدم نبؤة للناس عامة هي كائنة كائنة لذا فلا تحتاج إلى قسم فيقول: “فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق” وكما قلنا ووضحنا سابقا فإن ” لا أقسم” تعني لا أقسم وليس أنها تفيد القسم,
فالأمر أوضح وأجلى من أن يقسم عليه. فيقدم الله عزوجل لنا صورة جلية وهي الشفق وهو الضوء الأحمر الباقي من الشمس بعد الغروب والليل وما وسق وهو الجمع والضم والحمل والقمر إذا اتسق أي اكتمل واستوى واجتمع وتم واستدار “لتركبن طبقا عن طبق”, ا

لآيات الثلاث السابقات واضحات لا غموض فيها ولا لبس ولكن هذه الآية سببت إشكالا كبيرا للمفسرين لذا وجدناهم يحتجون فيما يقولون بالأقوال الواردة في الأثر, فوجدناهم يقولون أن المراد من ذلك لتركبن حالا بعد حال وأمرا بعد أمر في الدنيا, وقيل أن المراد من ذلك في الآخرة أي أن الناس تختلف أحوالهم من مرفوع في الدنيا إلى مخفوض في الآخرة والعكس ورجح الإمام الفخر هذا الاحتمال فقال:
” وثالثها : أن يكون المعنى أن الناس تنتقل أحوالهم يوم القيامة عما كانوا عليه في الدنيا فمن وضيع في الدنيا يصير رفيعاً في الآخرة ، ومن رفيع يتضع ، ومن متنعم يشقى ، ومن شقي يتنعم ، وهو كقوله : { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } [ الواقعة : 3 ]
وهذا التأويل مناسب لما قبل هذه الآية لأنه تعالى لما ذكر حال من يؤتى كتابه وراء ظهره ، أنه كان في أهله مسروراً ، وكان يظن أن لن يحور أخبر الله أنه يحور ، ثم أقسم على الناس أنهم يركبون في الآخرة طبقاً عن طبق أي حالاً بعد حالهم في الدنيا” اهـ

وترجيح الإمام الفخر الرازي بعيد وترجيح السادة المفسرين كلهم بأنه بمعنى أن الإنسان سيمر ويتنقل من حال إلى حال ومن أمر إلى أمر في الدنيا بعيد جدا جدا جدا, فهذا من المشاهدات التي يعرفها ويعيشها كل إنسان, فما الجديد في الآية؟ وعلى الرغم من أن هذا المعنى والترجيح يشهد له الآيات السابقات,

فأنا عندما كنت أفهم الآيات كما يقول المفسرون كنت أقول أن العلاقة واضحة فالله تعالى يعرض لنا صورة ذهاب النهار واندثاره ثم مجيء الليل والذي يجمع تحته ما يغطيه من الأرض وما يحتويه من النجوم وكذلك القمر الذي يكتمل ويصير بدرا, ومن المعلوم أن هذه الثلاثة كلها تتغير وتتبدل فالليل يأتي ثم ينصرم والشفق يكون في آخر النهار أي بعد أن أتى وانتهى والقمر لا يتسق إلا إذا كان ناقصا ثم يتسق وبعد أن يتسق يعود مرة أخرى فينقص ثم يتسق وهكذا في دورة مستمرة وفي كل هذا إشارة إلى الرجوع والتمام بعد النقصان. ولكن ظهر لي أن هذا الترابط والاتصال متعلق بعملية التغير والانتقال نفسها وليس بما قاله المفسرون.

ولنتناول هذه الآية لنر ما تقول:
تبدأ الآية بقوله تعالى ” لتركبن” والركوب الوارد في القرآن كله بمعنى الركوب المعروف, فلم تأت آية بمعنى مخالف, لذا يكون من الأرجح كون الركوب هنا بمعنى الركوب لا بمعنى معايشة الأحداث!

ولأن للركوب معنى معروف وهو الركوب وجدنا بعض الروايات التي تقول أن المقصود من ذلك هو ركوب السماء سماءا بعد سماء, ولأن هناك بعض القراءات قرأت بفتح الباء في ” تركبن” فجعلوها للنبي الكريم, أي أنك ستركب سماءا بعد سماء كما حدث في الإسراء. ولكنا لا نأخذ إلا بما ورد في المصحف فنرد هذه القراءات المخالفة للمصحف المكتوب بيد الرسول, فنجد أمامنا آية تقول للبشر: لتركبن طبقا عن طبق والطبق
كما ورد في اللسان:
” الطَّبَقُ غطاء كل شيء، والجمع أَطْباق …. وطابَقَ بين قميصين. لَبِسَ أَحدهما على الآخر. والسمواتُ الطِّباقُ: سميت بذلك لمُطابَقة بعضها بعضاً أَي بعضها فوق بعض، وقيل: لأَن بعضها مُطْبَق على بعض، وقيل: الطِّباقُ مصدر طوبقَتْ طِباقاً. وفي التنزيل. أَلم تَرَوْا كيف خلق الله سَبْعَ سَمَواتٍ طِباقاً؛ قال الزجاج: معنى طِباقاً مُطْبَقٌ بعضها على بعض، ….. وطَبَّقَ السَّحابُ الجَوَّ: غَشّاه، وسَحابةُ مُطَبِّقةٌ. وطَبَّقَ الماءُ وَجْهَ الأَرض: غطّاه. وأَصبحت الأَرض طَبَقاً واحداً إِذا تغشّى وجهُها بالماء. والماء طَبَقٌ للأَرض أَي غِشاء؛ … ” اهـ

إذا فالله تعالى يخبر البشرية ويعلمهم أنهم سيركبون السماوات سماءا سماءا (الجو والفضاء) تدريجيا من واحد إلى الآخر, وهذا بالفعل ما حدث فلقد طار الإنسان أولا في غلاف الأرض الجوي – بالطائرات بداهة- ثم صعد بعد ذلك إلى الفضاء ثم ارتاد الكواكب بعد ذلك.

ونظرا لأن هذا هو المعنى المتبادر إلى الذهن من استعمال الركوب والطبق وجدنا أن هذا ورد عن بعض السلف كما أورد الإمام ابن جرير في تفسيره, ولكنا وجدنا بعضهم قال أن هذا سيكون في يوم القيامة حيث سنركب سماءا بعد سماء, وقرأ بعضهم بالفتح ليتلافى هذه الأزمة, فكيف – من وجهة نظره- يركب البشر السماوات, لذا فمن الأفضل أن تُفتح الكلمة ويكون المخاطب بذلك هو الرسول الكريم!


أما نحن فنأخذ الآية كما هي ونسلم بأننا سنركب طبقا عن طبق. إذا فالله تعالى ينبأ ذلك الإنسان المكذب بالحور فيقول له: إنكم ستتقلبون من حال إلى حال وستتطورون لدرجة أنكم ستركبون السماء سماءا بعد سماء! فإذا كان هذا كائن واقع منكم أفلا أقدر أنا العلي الجبار أن أعيدك مرة أخرى.

ثم يخبر الله تعالى على سبيل العجب من الإنسان بقوله “فما لهم لا يؤمنون” أي لقد قدمنا الأدلة الواضحات على البعث وعلى القدرة, بل وقدمنا نبؤة على ذلك, فما لهم لا يؤمنون بالقرآن ولا بالبعث؟!! ماذا يريدون بعد ذلك لكي يؤمنوا؟ فلقد ظهرت الحجة وبطل الظن.
ونلاحظ أن الضمير لا عود له في هذه السورة وإنما عوده في السورة الماضية وهو قوله تعالى ” الذين أجرموا” فهؤلاء لا يؤمنون “وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون” فهم لإجرامهم ولكفرهم ختم الله على قلوبهم فما عادوا يسمعون أو يعقلون فأصبح القرآن عليهم عمى! ولكن من نور الله قلبه يشعر القرآن ويخضع له! ونلاحظ أن السماء والأرض أذنت لربها وسمعت له وخضعت له أما هؤلاء المجرمون فلقد صمت آذانهم وغلفت قلوبهم فلا يسجدون للقرآن.

وليست المسألة في الكفر هي عدم الدليل وضعف الحجة ولكن المشكلة هي “بل الذين كفروا يكذبون” -وفي هذا دليل على أن السابقين “الذين أجرموا” غير هؤلاء وإلا لو كانوا صنفا واحدا لما خالف واكتفى بالضمير- والمشكلة أن الكافرين يكذبون على الرغم من أنهم ليس لديهم الحجة الكافية على ما يقولون ولكنه عمى القلوب ورفض السماع.

فالقرآن حجة دامغة لكل عاقل, والأدلة على أنه من عند الله جليات لكل عربي بالدرجة الأولى! فيكفي عدم وجود كتاب على هذا الكوكب منذ نزول القرآن مماثل له أو مشابه له في المواضيع والأسلوب, وهذا لا يجادل فيه مجادل, ولكن الكبر وعدم السماع لكلمة الرب يؤدي إلى التكذيب! وهذا التكذيب ظاهر لكل الناس باللسان ولكن الله بخلاف ذلك ” والله أعلم بما يوعون”
فهؤلاء وإن كانوا يجزمون بما يقولون ويظهرون الثقة بدعاويهم إلا أن ما في صدورهم مخالف لما يظهرون, لأنه كما قلنا لا يمكن إثبات النفي! فهم ينفون ولكن أنى لهم أن يثبتوا نفيهم, فدونه خرط القتاد! والله أعلم بما في صدور هؤلاء المكذبين وسيحاسبهم عليه فهو أعلم به منهم, فالله تعالى قال ” أعلم” ولم يقل “يعلم”! فهو أكثر منهم علما بهم, فهو بهم بصير “بلى إن ربه كان به بصيرا” “فبشرهم بعذاب أليم”
فكما سخر هؤلاء من الدين ومن المؤمنين وتغامزوا بهم, فالله يهزأ بهم ويبشرهم, والبشرى تكون بالخير, فيبشرهم الله بعذاب أليم. “إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون” أي بشر هؤلاء بالعذاب الأليم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم[1], أي من ترك الكفر وآمن وعمل صالحا فلهم أجر غير مقطوع ولا ممنون عليهم به! أجر كامل في جنات النعيم حيث هم على الآرائك ينظرون وفي وجوههم نظرة النعيم.

فانظر أخي في الله إلى اتساق معان هذه السورة واتصالها ببعضها بل وبسابقتها كذلك ودورانها كلها حول معنى واحد تفند به ظنون المخالفين وتبرهن يقينا على دعواها.
غفرالله لنا وهدانا وهدى بنا.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

توحيد الروايات

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله ربنا وخالقنا ومالك أمرنا، بيده الخلق والتدبير والتصريف، يهدي من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.