يفتخر المسلمون دوما بكون دينهم دين العلم وأنه حث عليه , فإذا أرادوا الحديث عنه قالوا : ذكرت مفردة ” علم ” في القرآن كم مرة , وذكر الفقه والتفكر والتدبر والتعقل وكل ما يتعلق بالعقل , فإذا نحن نظرنا في حال المسلمين وجدنا ما لا يسر وذلك لتهاون المسلمين في تطبيق هذا الأمر
ولكنا نعود فنفتخر بأن المسلمين هم أكثر من أنجبوا ولا يزالون يخرجون علماء على وجه هذا البسيطة , ولكن الآفة أن هؤلاء العلماء لا يعملون في بلادهم وإنما يعملون في الغرب ! لذلك يتقدم الغرب بعلمائنا ونظل نحن نتمتع بخبرات وحكمة حكامنا العباقرة ! ونحن في هذه المقالة الصغيرة القصيرة نذكر المسلمين بأن البحث العلمي والنظر في الكون لايأتي في الإسلام كفضيلة وأمر مستحب , بل هو أمر واجب ومن صفات المسلمين الملازمة لهم والمقوية لإيمانهم .
ونبدأ بتقديم أدلتنا من القرآن على هذه الدعوى , فنقول :
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : “
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [العنكبوت : 20] ”
فالقرآن يأمرنا ويأمر البشرية كلها بالسير في الأرض ر في خلق الله تعالى لنعرف كيف بدأ الخلق , وفي هذا إشارة إلى وجود دلائل مبعثرة في الكرة الأرضية كلها تدل على كيفية بدأ الخلق , والتي يجب أن تأتي متطابقة مع القرآن ,
ولقد ذكرنا في كتابنا – وعلى الموقع كذلك – كيفية خلق الإنسان في القرآن فليراجع , وللأسف الشديد أنا نجد أن غير المسلمين هم من يقومون بتطبيق هذا الأمر , أما المسلمون فمتقاعسون عنها تمام التقاعس كأن الأمر غير موجه لهم !
كما يأمرنا القرآن بالضرب في الأرض من أجل استكشاف تاريخ الأمم الغابرة واستكشاف عوامل وأسباب ضياعهم واندثارهم , فهذه الأسباب من السنن الكونية التي تسري على كل الأمم , فعلينا معرفتها لنتجنبها , لا أن ندير لها ظهورنا حتى نقع في نفس ما وقعوا فيه , فيقول تعالى :
” ومثل قوله تعالى ” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ [الروم : 42] “
ومثل قوله تعالى ” قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الأنعام : 11] “
والقرآن يأمرنا بالسير في الأرض من أجل التأكد من الوقائع الواردة في القرآن , فهذا السير مفروض على المسلمين , ولكنا للأسف وجدنا أن الغربيين هم فقط من يقومون بذلك , ويخرجون علينا بالعجب العجاب , فيقرأون التاريخ بطريقة مقلوبة ويكذبون بفعلهم هذا القرآن الكريم في دعواه .
ونلاحظ أن القرآن يستعمل أحيانا الفاء وأحيانا ” ثم ” مع النظر , وهذا دليل على وجود نوعين من النظر والتدبر فهناك نظر مباشر وهناك نظر متأخر يأتي بعد استجماع واستكمال العناصر المشتركة بين كل ما رأه الإنسان حتى يخرج بقانون جامع لما يراه .
ونلاحظ أن الأمر ” سيروا في الأرض فانظروا ” ورد في القرآن إثنتي عشر مرة وعلى الرغم من ذلك لم ينتقل إلى درجة الوجوب عند الفقهاء , ولست أدري ماذا يجتاجون حتى يجعلوه للوجوب ؟ هل يريدون أن يأتي مائة مرة أم أن يقول لهم ” أنا واجب ” ؟
فالآية ومثيلاتها توجب علينا السير في الأرض لننظر كيف بدأ الخلق , ولكن لما كان الأمر في القرآن قد لا يعني الأمر !! , أهملت هذه الآية لأن الأمر تبعا لأدمغة السادة العلماء هنا على سبيل الاستحباب , فمن شاء فليفعل ومن شاء فليترك , ولا حول ولا قوة إلا بالله
.
والملاحظ أن التفكر في الكون وفي كل خلق الله هو من صفات المسلمين الملازمة لهم , وفي هذا يقول الله تعالى ” الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران : 191] “
كما أن هذا التفكر والتدبر هو الطريق المؤدي إلى الطريق السليم , أي أن العلم يؤدي إلى الإيمان بالله , بل إن العلم يزيد من إيمان المرء بما يقوله القرآن ,
وفي هذا يقول الله تعالى ” …… إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر : 28] ”
, فالعلم يؤدي إلى خشية الله , لأن الكون كله تصديق لكتاب الله تعالى وعلامة على صحة القرآن , وفي هذا الكثير من الآيات , نذكر بعضا منها :
+” ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل : 69] “
“وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثية : 13] “
وغير هذه الآيات كثير , تربط الإيمان بالعلم وبالنظر في الكون , وكما يقول السادة الفقهاء : ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب .
لذا فإنا نقول مستندين على آيات الأمر بالسير والنظر السابقة وآيات الإخبار بالتفكر وربط الإيمان بها , فنقول بأن البحث العلمي والنظر في الكون واجب وجوب كفاية على المسلمين , إذا قام به البعض – وعرفوه للباقين – سقط عن الآخرين , وإذا تركه أكثرية المسلمين أثموا جميعا
.
كما نقول بأنه يجب على كل إنسان مسلم التفكر في الكون على قدر استطاعته وربط ذلك التفكر بالإيمان بالله تعالى وإلا سيكون من المخالفين لأمر الله .
هدانا الله إلى صراطه المستقيم .
شاهد أيضاً
تقديم المبصر
“-من فضلك ارتد هذه “العوينات/ النضارة” لترى جيدا!يا أستاذ .. اسمعني .. أجبني! لماذا؟ من …