نعرض اليوم بفضل الله وعونه لآية هي من أشهر الآيات التي تُتخذ مطعنا في دين الله وكتابه, ويُرمى بها الإسلام والمسلمون بالإرهاب وعدم تقبل الآخر, كما يُرمى من أجله المسلمون بأنهم طالبو دنيا وجامعو مال, وهذه الآية هي قوله تعالى:
“قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29]”
فأصبح يقال أن الإسلام يأمر بقتال المخالفين له في الدين ليجمعوا المال منهم, وأن الزعم بحرية الاعتقاد لغير المسلمين هو من باب التعميم الغير صحيح, فهذه الآية تبين أن يجب قتال المخالفين للإسلام وتعاليمه من أهل الكتاب.
والحق أن مستند القائلين بهذا القول هو أقوال المفسرين, الذين فهموا الآية على غير ما قالت, والذين لم يعملوا على فهمها من خلال إخوتها من آي القرآن, ومن ثم عمموا في استخراج الأحكام من الآية, ونذكر للقارئ الكريم بعضاً مما قاله الإمام الفخر الرازي في تفسيره: “مفاتيح الغيب”, عند تناوله لهذه الآية ليتأكد –أولاً- من أن أقوال المفسرين في الآية لا تنطبق مع ما تقول:
” اعلم أنه تعالى ذكر أن أهل الكتاب إذا كانوا موصوفين بصفات أربعة ، وجبت مقاتلتهم إلى أن يسلموا، أو إلى أن يعطوا الجزية . فالصفة الأولى : أنهم لا يؤمنون بالله . واعلم أن القوم يقولون : نحن نؤمن بالله ، إلا أن التحقيق أن أكثر اليهود مشبهة ، والمشبه يزعم أن لا موجود إلا الجسم وما يحل فيه فأما الموجود الذي لا يكون جسماً ولا حالاً فيه فهو منكر له ، وما ثبت بالدلائل أن الإله موجود ليس بجسم ولا حالاً في جسم ، فحينئذ يكون المشبه منكراً لوجود الإله فثبت أن اليهود منكرون لوجود الإله . (…..)
والصفة الثانية : من صفاتهم أنهم لا يؤمنون باليوم الآخر .
واعلم أن المنقول عن اليهود والنصارى : إنكار البعث الجسماني ، فكأنهم يميلون إلى البعث الروحاني (……) ولما كان اليهود والنصارى منكرين لهذا المعنى ، ثبت كونهم منكرين لليوم الآخر .
الصفة الثالثة : من صفاتهم قوله تعالى : { وَلاَ يُحَرِمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ } وفيه وجهان : الأول : أنهم لا يحرمون ما حرم في القرآن وسنة الرسول . والثاني : قال أبو روق : لا يعملون بما في التوراة والإنجيل ، بل حرفوهما وأتوا بأحكام كثيرة من قبل أنفسهم .” اهـ
ويخرج القارئ مما قاله الإمام الفخر الرازي بأن هذه النعوت لا تنطبق على أهل الكتاب الذين نعرفهم, إلا أنها أُسقطت عليهم -من المفسرين- إسقاطا, كما يخرج بأن الدين الإسلامي يجعل نفسه الميزان للأديان الكتابية الأخرى, فإما أن يفعل أتباعها مثله أو يقاتلوا!
وهذا يوجد التعارض بين هذه الآية وبين الآيات الأخرى التي نهت عن الاعتداء مثل قوله تعالى: ” وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190]”
وبالتي أجازت الإحسان إلى غير المسلمين إذا لم يقاتلوا المسلمين: “ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة : 8]“
وبتلك التي أعلنت حرية الإيمان والكفر –للمسالم-,:
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ….[الكهف : 29]
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون : 6],
ولست أدري كيف تتفق: لكم دينكم ولي دين, مع: سأقاتلك لكي تسلم!! أو أن تدفع الجزية؟!
إن هذا المنطق يعني بكل وضوح أن هذا الأمر هو أن المسلمين يقاتلون لجني المال وليس للمبدأ! فما معنى أن أدعي أني أرى باطلاً فأحاول أن أغيره, فأقاتل لأغير هذا الباطل, وعندما يتمسك صاحب الباطل بباطله أقول له: لا بأس, ادفع لي مبلغاً من المال مقابل استمرارك على باطلك!!!
إن هذا التصور للقتال أساء للإسلام والمسلمين أيما إساءة وأوجد مطاعن كثيرة في الدين, كما أنه أظهر الإسلام بمظهر المسكين الجلاد, الذي عاب على غير المسلمين اضطهادهم المسلمين لردهم عن دينهم, ثم يقوم هو بنفس الفعل.
وحتى لا يكون فعلنا –من وجهة نظر غير المسلم- هو محاولة توفيق بين آيات متعارضة, تأمر إحداها بما يخالف غيرها, فالإسلام نهى نعم عن الاعتداء على الآخرين إلا أنه أعطى نفسه منزلة الوصي الذي يجب عليه تغير ما عليه الآخرين من ضلال, وهذا من وجهة نظره ليس اعتداء!!
لذا ننظر في الآية لنبصر هل قال الله بما قال به المفسرون:
الناظر في الآية يجد أن الله تعالى أمر بقتال صنف معين من الذين أوتوا الكتاب, فقال:
“قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29]”
أي قاتلوا الذين يفعلون كذا من الذين أوتوا الكتاب, ومن ثم فإن الحكم ليس عاما وإنما هو لصنف معين, وهو الذي يفعل هذه الأفعال, إلا أن السادة المفسرين أبوا إلا أن يفهموا الآية هكذا:
قاتلوا الذين أوتوا الكتاب الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
ومن ثم جعلوا “من” بيانية وليس تبعيضية, ومن ثم فهي ليست ذات فائدة فيمكن الاستغناء عنها في الفهم, كما قدموا فجعلوا المأمور بقتالهم هم الذين أوتوا الكتاب (وهو نعت لا ينطبق على كل أتباع الرسالتين السابقتين وإنما على صنف مخصوص منهم, ونطلب إلى القارئ أن يرجع إلى موضوعنا في التفريق بين هذه الأصناف) لأنهم يفعلون كذا وكذا.
وبما أن المفسرين فهموا الآية على غير ما قال ربنا فليس ثمة وزن لقولهم فلا نلتفت إليه, وعلينا أن نفهمها كما هي, فنقول:
الناظر في الآية يجد أنها وردت في سياق الأمر بقتال المشركين المخالفين للعهود, الذين لا يلتزمون بما عاهدوا المسلمين عليه, فما الرابط بين هذه الآية وتلك الآيات التي تتحدث عن المشركين؟!
الناظر في السورة من أولها يجد أنها تعلن براءة الله ورسوله من عهود المشركين لأنهم لا يلتزمون بها ونقضوها أكثر من مرة, إلا أن هذا لم يكن مبررا لفسخ العهود مع كل المشركين, وإنما مع المعتدين فقط, أما المحافظون على عهودهم فلا يُتعرض لهم, فنجد الرب يقول:
” إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة : 4-5]
فالأمر بقتل المشركين ليس لأي مشرك ولكونه مشرك, وإنما لكونه ناقض للعهود يعتدي على المسلمين إذا أتيحت له الفرصة, أما المستقيمون على عهودهم فلا يُقاتلَون:
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة : 7]
أما الناكثون فهم الذين يُقاتلون لنكثهم: “وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ [التوبة : 12]”
وكما فهمنا الآية الآمرة بقتل –وليس بقتال- المشركين بأنها آية مشروطة تقع على المخالفين فقط, نفهم أن الآية الآمرة بقتال الذين لا يؤمنون … من الذين أوتوا الكتاب هي مشروطة كذلك بكونهم نكثوا أيمانهم!
وتفريق السورة بين القتل والقتال, دليل آخر يبطل هذه الأقوال, فالله لم يأمر بقتل هؤلاء المخالفين من الذين أوتوا الكتاب وإنما بقتالهم.
ولأن التفريقات اللغوية الدقيقة لن تقنع المخالف ولن تكون هي الأمر الذي يريح نفس المسلم, نقول:
وصلنا إلى أن الإسلام أمر بقتال صنف معين من الذين أوتوا الكتاب, فكيف يأمر الإسلام بهذا؟!
حاول بعضهم أن يقدم تبريراً لهذا الأمر فقال:
“ويتضح من الموضعين معا أن الله تعالى يأمر بقتال الذين لا يحرمون ما حرم الله من قتل وسرقة وزنى لما في ذلك من تعدي على الأنفس والممتلكات والأعراض، أما الذين لا يعتدون فلا يأمر الله بقتالهم بل ويأمر بالقسط لهم.” اهـ
ومن ثم فإننا مأمورون بقتال المفسدين الذين يفسدون في الأرض, الذين يستبيحون القتل والسرقة والزنى. وهذا تنظير جيد سيقبل به المخالف,
إلا أنه سيرده قائلاً:
هذا تنظير لا وجود له, فأين هو ذلك المجتمع الكتابي أو غير كتابي الذي يستبيح هذه الأمور, فلم يحدث أبدأ أن قال أي مجتمع بحلها.
أما نحن فنقول: إن موطن الخلل في فهم السابقين من المفسرين والمتأخرين من المتدبرين هو عدم انتباههم إلى قوله تعالى: ” وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ [التوبة : 29]” وفهمهم الخاطئ لقوله: “ولا يدينون دين الحق”
فهم يقاتلون لأنهم فعلوا كذا وكذا ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله محمد, وهي ليس تعميما لمخالفتهم أحكام الإسلام وإنما لمخالفتهم حكم واحد بعينه (بيّنته السورة).
ومن ثم فإنهم خالفوا في حكم فقهي وليس في أمر عقدي, ومن المعلوم أننا لا نلزم غير المسلمين بأحكامنا الفقهية, فما هو هذا الحكم الذي استوجب أن يُعلن الحرب على هذه الجماعة من أهل الكتاب من أجله؟
الناظر في الآية يجد أن الله تعالى ذكرها بعد حديثه عن المسجد الحرام:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة : 28]”
ثم قال بعد بضع آيات:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ …. إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [التوبة : 34-37]”
فتحدث عن أحبار ورهبان يصدون عن سبيل الله, ثم بيّن أن عدة الأشهر عند الله اثنا عشر شهرا, منها أربعة حرم, وهي كانت محرمة عند السابقين وذلك هو الدين القيم, الذي لا يدين به هؤلاء, وهو المحرم الذي لم تحرمه تلك الجماعة من الذين أوتوا الكتاب والذي يُفترض أنه محرم عندها
_(ومن الممكن القول أن المحرم هو المسجد الحرام المذكور في الآية السابقة ل: قاتلوا, ومن ثم فهم لا يراعون حرمة للمسجد الحرام ويعتدون فيه, وفي كلتا الحالتين هو اعتداء).
وبغض النظر عن اعتراف السابقين بحرمتها أما لا, فإن الرسول محمد عندما جاء بالإسلام أعلن حرمتها وأنه لا يقاتل فيها, وهذه الجماعة لم تقبل بهذا الحكم –وإنما أخذت بتلاعب الأحبار والرهبان في الشهور- واستباحت الأشهر الحرم, ومن ثم فهم من ناحية معتدون يقاتلون غيرهم ومن ناحية أخرى هم يقاتلون في الأشهر الحرم, ومن ثم فيجب قتال هؤلاء الذين لا يسالمون ولا يراعون حرمة للأشهر الحرم.
ومن ثم فإن الآية ليست إجباراً لغير المسلم على إتباع شرع الإسلام وإنما هي عقاب على عدم التزام بعهود وعلى اعتداء على الآخرين.
والنسيء فكرة أخذها العرب عن اليهود, وهي مجموعة أيام كانت تضاف في آخر العام ليوافق العام القمري العام الشمسي, ولأنها كانت بعد ذي الحجة وقبل المحرم وهما شهران حرم, ولأنها كانت “زيادة” ليست منهما, كانوا يحلونها عاماً, أي يبيحون القتال فيها بحجة أنها ليست من الأشهر الحرم, ويحرمونها عاما أي يجعلونها من الأشهر الحرم بحجة أنها فيها!!
لذا بيّن الله أن النسيء زيادة في الكفر, أي أنها أيام زيدت في الكفر, فأعلن الله تبرأه من هذه الأيام وأنها ليست موجودة في كتابه يوم خلق السماوات والأرض, وأن الشهور هي اثنا عشر فقط, فليس ثمة شهر نسيء!
ويمكن للقارئ التعرف على النسيء عند العرب من خلال هذا الرابط:
http://www.maarefislam.org/doreholom…bic/novin2.htm
إذا فالمسلمون لم يؤمروا بقتال المخالف لأنه مخالف في العقيدة! وإنما أمروا بقتال صنف معتد متلاعب بالتقويم الكوني مستبيح للأشهر الحرم, فهؤلاء يُقاتلون حتى يُعطوا الجزية عن يد, أما غيرهم من أهل الكتاب (أو المشركين) فلا يقاتلون طالما أنهم مسالمون لا يقاتلوننا في الدين, كما أن المسلم لا يقاتل لجني المال, وإنما يقاتل لمبدأ وهو رد الاعتداء ورفع الظلم عن المظلومين,
ومن ثم فإن الحديث عن دفع غير المسلمين الجزية –بعد فهم الآية في سياقها- أمر غير مقبول, فهم غير مأمورين بدفع الجزية! فالله أمر بأن يدفع المعتدون فقط الجزية, فأن نعمم الحكم على كل أتباع الرسالتين السابقتين فهذا تقول على الله ما أنزل الله به من سلطان!
والسؤال هنا: من هم هؤلاء القوم من الذين أوتوا الكتاب الذين لم يحرموا الأشهر الحرم -تبعا لفهمنا- أو عامة الذين تحدث عنهم القرآن وفيهم نزلت هذه الآية, والتي هي خاصة وليست عامة؟
الناظر يجد أن الروايات لم تذكر قوما من أهل الكتاب فعلوا شيئا استحقوا عقوبة عليه, إلا أن الملاحظ أن الروايات لم تذكر وقائع معقولة يمكن اعتمادها في فهم أول سورة التوبة, فمن هم الأقوام الذين عاهدهم الرسول عند المسجد الحرام, ومن هم الذين هموا بإخراج الرسول -وليس: أخرجوه فعلا-؟!
أسئلة كثيرة لم تقدم لها الروايات إجابة, وإنما كانت تتحدث عن أمور أخرى, مما جعل بعض المفسرين مثل ابن عاشور في : التحرير والتنوير, يرفض الروايات لأنها لا تتفق مع الآيات, ويفهم الآيات كما هي ومن ثم يقول أنه حدث كذا وكذا وإن كانت الروايات لم تذكره.
شاهد أيضاً
نقد رفض التعقل
من الأقوال المستفزة والمنتشرة بين العدميين –وأشباههم وأنصافهم- مقولة:“لا يوجد معنى في الطبيعة … نحن …