وجوب إعطاء الحاضر ممن لا حظ له في التركة !

نواصل الحديث عن الآيات التي عطلت وأهملت وتهاون فيها التاس على الرغم من وضوح الأمر بها في كتاب الله تعالى , لما في الآية من ثقل على نفوسهم الشحيحة ولأن السادة الفقهاء والمشائخ سكتوا عن الحديث عنها , ولأن الدين أصبح يؤخذ من الأفواه لا من الكتاب ضاعت الآية هي الأخرى ,
وهذه الآية هي من أروع الآيات التشريعية في القرآن وهي متعلقة بالتركة , والتي توضح اهتمام الإسلام باليتامى والمساكين والأقارب وكيف أنه أعطاهم ما لم يعطهم أي تشربع أرضي وللأسف قيل أنها منسوخة مثل كثير غيرها وهذه الآية هي :

” وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً [النساء : 8] “

والحكم الوارد في الآية واضح تماما وهو وجوب إعطاء أولوا القربى واليتامى والمسكين مما لا حظ لهم في التركة . وقلنا بالوجوب لأنه لا صارف في الآية ينزله إلى السنية أو الاستحباب .

فإذا نظرنا إلى حال الفقهاء والمفسرين الذي لا يعملون بها وجدنا أنهم قالوا أنها نسخت بآية المواريث ” يوصيكم الله في أولادكم “
وهذا القول بالنسخ من عجيب الأقوال ففي الآيات الماضية ربما كان يبدو تعارضا بين الآيات وبعضها أو بينها وبين الأحاديث ولكن ما المبرر للقول بالنسخ هنا ؟

فالآية تتحدث عن حضور بعض الأقارب أو اليتامى والمساكين الذين لا نصيب لهم في التركة فتوجب – أو تندب على رأي الآخرين – أن يعطوا شيئا منها وأن يقال لهم قولا حسنا تطيبا لقلوبهم فلست أدري ما المبرر للقول بالنسخ في هذه الآية ؟

وهذه الآية كما أسلفت الذكر من أفضل الآيات التي تبرز الجانب الإنساني – الإلهي – في التشريع الإسلامي التي توضح اهتمام الإسلام باليتامى والمساكين والأقارب الذين لا يرثون فأوجب اعطائهم شيئا من التركة وهذا ما سمعنا به أو وجدنا مماثلا أو مقاربا له في أي تشريع أرضي .

ولقد قال بإحكام الآية علماء كثيرون منهم أبو بكر بن العربي وجاء ذلك عن عروة وسعيد بن مجاهد وجبير وابن عباس وعطاء وروي لما قسم محمد بن أبي بكر التركة بحضور عائشة أم المؤمنين أعطى كل من حاضرا شيئا وتلا هذه الآية . ففي هذا وما مضى دليل واضح على أنها محكمة ومهملة ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ولقد روى الإمام البخاري ” 2553- … عن بن عباس رضي الله عنه أنه قال : أن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس بها “
فهذا دليل على أن الآية من أوائل الأحكام التشريعية التي تهاون بها المسلمون لثقلها على نفوسهم ولأن الفقهاء لم يعيروها كثير اهتمام لظنهم أنها منسوخة . لذا فلنحاول قدر الإمكان تنبيه إخواننا من المسلمين إلى هذا الحكم المضيع ! سواء كان بالاستحباب أو الوجوب , المهم أن نعرف الناس به حتى لا يسألنا الله تعالى يوم القيامة فلا نجد ما نرد به.

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

الشك

بعض “القارئين” -تقليدا لبعض الفلاسفة- يمدحون ويزينون لك:“الشك”وأنه ضروري لتحقيق المعرفة .. وبناء الذات والحضارة!!!!!!! …

7 تعليقات

  1. It is not my first time to pay a visit this web site, i am browsing this web
    site dailly and obtain fastidious information from here every
    day.

  2. Greetings! Very useful advice in this particular post!
    It is the little changes which will make the most important changes.
    Many thanks for sharing!

  3. you are in reality a just right webmaster.

    The website loading pace is incredible. It sort of feels that you’re
    doing any distinctive trick. Moreover, The contents are masterpiece.
    you have performed a excellent activity in this matter!

  4. Wonderful blog! I found it while browsing on Yahoo News.

    Do you have any suggestions on how to get listed in Yahoo News?

    I’ve been trying for a while but I never seem to
    get there! Thanks

  5. Hi there, I discovered your web site by the use of Google at the
    same time as searching for a related subject, your website came up, it looks great.
    I’ve bookmarked it in my google bookmarks.
    Hello there, simply was alert to your weblog thru Google,
    and located that it is truly informative. I’m gonna be careful for brussels.

    I will be grateful in case you continue this in future.
    Many folks shall be benefited from your writing. Cheers!

  6. I think this is one of the most significant info for
    me. And i’m glad reading your article. But should remark
    on few general things, The site style is ideal, the articles
    is really excellent : D. Good job, cheers

اترك رداً على video mesum anak kecil إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.