أولو الأجنحة

أظن أني الوحيد الذي يرى أن “العلمية” من “المُعمّيات”
أي أن المنهج العلمي .. يُعمي!
(ولعل هناك نفر غيري يقول بهذا!!)

وللتوضيح والتدقيق أقول:
إني أرى المنهج العلمي ككشاف عملاق يشع جزء يسير منه نورا “أبيضا”، بينما الجزء الأكبر من الكشاف فإنه يُشع ضوءً “أسوداً” محيطا بالنور الأبيض!
ولهذا فإن النور الأبيض قد يريك شيئا، ولكن “الضوء الأسود” يمنعك من رؤية غيره!
وقد يطغى الأسود على الأبيض فلا ترى شيئا أصلا!!

وهنا يظهر التساؤل:
أما من حل لهذه الإشكالية حتى يستطيع الباحث العلمي أن يُبصر؟!
أم أنه لا محالة سيظل في “الظلمات”؟

فأقول: نعم، هناك حل غير يسير وهو:
أن يكون من “أصحاب الأجنحة”
ساعتها سيبصر
وكلما زادت أجنحته كلما أبصر أفضل!

من هم أولو الأجنحة؟
أولو الأجنحة هم أصحاب العلوم المختلفة! الذين درسوا أكثر من علم ووصلوا لدرجة التخصص والتمكن في كل علم من هذه العلوم
ويقينا فإن هذا يحتاج إلى جهد جهيد وتفرغ طويل واجتهاد في التحصيل، حتى يصل الإنسان إلى هذه الدرجة.
ولكن مع الوصول إليها فإن الإنسان يحوز منظورا جديدا يستطيع أن يرى به المسألة/ المبحث.

وفائدة هذه الأجنحة في مواجهة “الظلام” هي أن كل علم هو بمثابة “ضوء/ نور” يُسلط على المبحث، فيكون قادرا على تجليته وتبيينه، فيراه “الناظر” مجسما، من مختلف زواياه ونواحيه
وكلما زادت “الأنوار” كانت أقدر على دفع الظلمة، ومن ثم فلا يقتصر الناظر على أبصار “المنظور” وإنما يتعداه إلى إبصار “متعلقاته” ومرتبطاته!!
وبهذا يستطيع أن يُفيد به ويستفيد به أكثر.

وأظن -وبعض الظن يقين- أن خطوة “إنشاء” وتكوين أصحاب الأجنحة من المفترض أن تكون توجها رئيسا في المساقات العلمية، لحل مشكلة الانسداد والتوقف، التي تواجه كثيرا من العلماء والباحثين عند بحثهم في مسألة ما، إذ أن الصعوبة حالياً لم تعد “مسألة المعلومة”، فالمعلومات التخصصية أصبحت جد متوفرة، ولكن الباحثين يسيرون على نفس “طريقة” سابقيهم من أساتذتهم! بينما أولو الأجنحة يتكون لديهم -بلا وعي منهم- مناظير جديدة أقدر على الإبصار.
أعرف أن العالم يتجه الآن إلى “التخصصات” الفرعية
فتنشأ تخصصات تحت تخصصات. وليس عندي إشكال مع هذه التفريع الجزئي، وإنما أود التنبيه إلى حاجتنا إلى “التشعيب الكبير”
بإيجاد:
أولي الأجنحة.

الفلسفة_التسييقية

عن عمرو الشاعر

كاتب، محاضر لغة ألمانية مدير مركز أركادا للغات والثقافة بالمنصورة، إمام وخطيب يحاول أن يفهم النص بالواقع، وأن يصلح الواقع بالنص وبالعقل وبالقلب. نظم -وينظم- العديد من الأنشطة الثقافية وشارك في أخرى سواء أونلاين أو على أرض الواقع. مر بالعديد من التحولات الفكرية، قديما كان ينعت نفسه بالإسلامي، والآن يعتبر نفسه متفكرا غير ذي إيدولوجية.

شاهد أيضاً

هل يحق للطبيب او المهندس الإعتراض على تعريب العلوم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.