من أثافى الدهر التي ابتلى بها المسلمون هذه الأيام تلك الطائفة المسماة بالقرآنيين والتي أخذت على عاتقها اجتثاث الفكر الإسلامي من منبته وتقديم فكر آخر للمسلمين متمثل في عقولهم هم .
ومن المعلوم أن ما لا جذور له لا ساق له وما لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له .
ولقد كان المرء يظن أنهم سيخوضون في كل شيء إلا في الصلاة ولكنهم وللأسف الشديد خاضوا في الصلاة واتهموا المسلمين أنهم أضاعوا الصلاة فعلا , بمعنى أنهم غيروا شكلها وحرفوها فأضافوا وحذفوا ! وكانت حجتهم الرئيسة في دعواهم هذه أن الصلاة بشكلها الحالي غير مذكورة في القرآن والقرآن ما فرط في شيء
فحتما ولزاما الصلاة موجودة في القرآن , فأخذ كل منهم يستخرج من القرآن ما قدر له عقله وزين له هواه أن هذه هي الصلاة وهكذا ينبغي أن يكون شكلها أما كل الأشكال الأخرى فهي حتما على ضلال مبين .
فإذا تنازلنا للأخوة القرآنيين وقلنا لهم : ما هي شكل الصلاة عندكم وما هو عدد الصلوات في رأيكم ؟ لم نجد لديهم رأيا واحدا على الرغم من أنهم متفقون ومجمعون على الأخذ من القرآن فقط , فوجدنا منهم من يقول أن الصلاة ثلاثة صلوات هي الفجر والعصر والعشاء ومنهم من يقول هي الفجر والمغرب والعشاء ومنهم من يقول هي صلاتان هي الفجر والعشاء ومنهم من يقول هي ست فيضيف إلى الخمس المعروفات صلاة في ميعاد صلاة العيد !
وكلهم يحتجون بالقرآن . فإذا نحن سألناهم عن كيفية الصلاة فحدث ولا حرج فمنهم من جعلها بالوقت أي أن الصلاة تقاس بالوقت وليس بالركعات أي أنه على الإنسان المسلم أن يصلي في كل صلاة حوالي خمس وأربعين دقيقة ومنهم من قال هي بالركعات ولكن الركعة لا تحتوي إلا القيام والسجود
ومنهم من قال أنها تحتوي القيام والركوع والسجود ومنهم من قال أن الركوع ليس كما نفعل ولكنه تلك الهيئة التي يجلسها الإنسان بين السجدتين – يبدو أنه ما سمع عن شيء اسمه الجثو! – ومنهم من يسجد على ذقنه ومنهم من قال الصلاة ركعة واحدة ومنهم من جعلها ركعتين ومنهم من يلغي لجمعة ومنهم من يثبتها ومنهم ومنهم .
الشاهد أنهم ما اتفقوا على شكل واحد للصلاة ولا على ميعاد واحد يجمعها ولكنهم جميعا متفقون على تضليلنا نحن الذين نصلي الصلوات الخمس المعروفات وعلى تضليل باقي القرآنيين !
ومنبع هذا الضلال هو قولهم بعدم وجود وحي غير القرآن ولقد رددنا عليهم في موضوع مستقل هنا في المنتدى فليراجع , حيث ذكرنا فيه من القرآن وجود مواطن يشير فيها القرآن إلى وجود وحي غيره .
وهنا نبدأ في مناقشة مسألة الصلاة في القرآن وكيف أنه يجب أن تكون على الشكل المعروف وأنه من الضلال المبين القول بغير ذلك .
بادئ ذي بدأ لا بد من التنبيه أن الصلاة من الأمور المنقولة بالتواتر وتواتر الصلاة أكبر من تواتر القرآن ! ولكن السادة القرآنيين ينكرون حجية التواتر ويرون أنه من الممكن أن يدخل الصلاة التحريف والتغيير والتبديل على الرغم من أنها مما شاعت به البلوى ! فالمسلمين يؤدونها يوميا ولكن لا مانع عند القرآنيين من حدوث التحريف !
ونحن نسألهم السؤال الذي طرحته على بعضهم ولم يجد أي منهم له جوابا سوى الإحالة على أن النص القرآني لا يقول بما تفعلون , أما إجابة السؤال نفسه فلم يجبه أحدهم حتى الآن والسؤال كالتالي :
إذا كانت الصلاة حرفت وغيرت وبدلت , ففي أي زمن حصل هذا التحريف ؟
فمن المعلوم أن الخلاف والشقاق حصل بين المسلمين منذ عهد قريب بالنبوة وانقسم المسلمون إلى فرق شتى ووجدنا أن الفرق الإسلامية المختلفة كانت ولا تزال تشنع على الفرق الأخرى تغييرهم في أشكال العبادات
فعلى سبيل المثال نجد أن الشيعة لا يزالون يشنعون على السنة أنهم غيروا في شكل الوضوء فجعلوا غسل القدمين مكان المسح ! ونجد أن السنة يقولون أن الشيعة بدلت الزكاة وابتدعت الخمس ! مع أنه لم يكن كذلك في زمن النبي أو الصحابة أو حتى أئمة أهل البيت .
والسؤال هنا : إذا كان أهل السنة هم من غيروا الصلاة فكيف سكت الشيعة على هذا الهدم المبين لأهم عبادة في الإسلام وإذا كان الشيعة هم المغيرون فكيف سكت أهل السنة وإذا كان الإباضية أو المعتزلة أو الزيدية أو أي فرقة إسلامية كانت فكيف سكت الباقون ؟
من المعلوم بداهة أن الباقين لن يصمتوا وسيشنعون عليهم . إذا فلا يبقى أمامنا إلا القول بأن الصحابة قبل أن يختلفوا اجتمعوا وقالوا لنغير الصلاة فغيروا وأضافوا ثم اتفقوا على الصمت على هذا الموضوع وأن لا يثيروه مهما حدث بينهم من الاختلافات في باقي الأمور لأن الصلاة بهذا الشكل لم تكن تعجبهم . وأعتقد أنه لا يقول عاقل بهذا الاحتمال !
الصلاة من الأمور المجمع عليها بين المسلمين بشكلها العام , فعند كل المسلمين الصلوات خمس وعدد الركعات متفق عليه 17 ركعة , والكيفية واحدة من قيام ثم ركوع ثم سجديتن وعدد الركعات في كل صلاة متفق عليه بين كل المسلمين فكيف ظهر هذه التغيير واتفق عليه كل المسلمين ؟!
وهذه نقطة نتفوق بها عليهم فهذا أمر ثابت تاريخي حقيقة تاريخية مسلمة أما هم فيريدونا أن نترك الحقائق من أجل استنتاجاتهم . سيقولون أنهم يأخذون بالقرآن , ووالله لو كان في القرآن ما يقولون لأخذنا به وتركنا التاريخ كله ولكنها عقولهم العجيبة .
ويحتجون علينا بأن الصلاة بشكلها الحالي غير موجودة في القرآن .
فنرد عليهم ونقول : وهي ليست موجودة كذلك في السنة , ونطلب إليهم أن يستخرجوا لنا من السنة شكل الصلاة , ثم على فرض وجودها في السنة فكيف كان المسلمون يصلون نفس الصلاة قبل جمع السنة? ! فأبوحنيفة مثلا المولود سنة 80 قبل جمع أي كتاب للسنة صلى وهو صغير ولم يقل لنا أن الصلاة تغيرت لما كبر !
إذا الصلاة غير موجودة في القرآن ولكنها في نفس الوقت غير موصوفة تحديدا في السنة فمن أين أتى المسلمون بها إن لم تكن مما نقل تواترا عن الصحابة الذين علموا الناس الصلاة مصداقا لقوله (ص) : صلوا كما رأيتموني أصلي .
أما تحججهم بالاختلاف في هيئة الصلاة فهذا اختلاف في الفروع مثل رفع اليدين أوعدمه أو كيفية وضع اليدين أو إرسالها , فهذا كله راجع إلى اختلاف هيئة النقل أما الأساسيات فواحدة متفق عليها .
إذا فالصلاة غير موجودة في السنة ولكنها موجودة ومنقولة بالتواتر الفعلي لعامة المسلمين , فإذا قلنا للقرآنيين : استخرجوا لنا الصلاة من القرآن وقولوا لنا : أين علم الله المسلمين الصلاة في القرآن ؟
فستجدهم يقومون بتجميع بعض الآيات التي تكلم الله فيها عن الصلاة ويركبونها كما يركب أحدنا قطع البازل ليخرج كل منهم بشكل جديد للصلاة , ونتنازل معهم على الرغم من اختلافهم فنقول لهم : أنتم مختلفون في الهيئة , ولكن أخبرونا أين علّم الله الناس في القرآن كيفية الصلاة , فعندما أراد أن يعلمنا الوضوء قال لنا “ يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم …….. ” إلخ الآية .
أما في الآيات التي تستدلون بها كلها فلم يقل الله عزوجل : صلوا هكذا أو الصلاة كذا أوكذا ولكنها كلها تتحدث عن وصف معلوم للمسلمين يفترض فيهم أنهم كانوا يعرفونه ويؤدونه , وأتى القرآن فتحدث واصفا لحالهم , ونحن نعيد نفس السؤال : متى وأين تعلم المسلمون الأوائل من القرآن هيئة الصلاة ؟
بعبارة أخرى : عندما أمر الله الرسول المصطفى أول مرة في القرآن فقال له : أقم الصلاة أو أقيموا الصلاة ! هل جمع الرسول باقي الآيات التي لم تكن قد أنزلت بعد ليخرج بشكل الصلاة أم أن باقي الآيات كانت قد نزلت !
لا أعتقد أن هناك أحمق يقول من الممكن أنها قد نزلت , لأنها كما قلنا كانت تصف حال المسلمين أي أنها لا بد نزلت بعد أن قاموا بالصلاة فعلا , فكيف صلوا قبل أن يعرفوا شكل الصلاة ؟
هذا السؤال وحده كاف لهدم مذهب القرآنيين في رفض الصلاة على عروشه فليس له أي حل مهما حاولوا ومن لديه إجابة فليتفضل بها !
ونأتي الآن إلى عرض الصلاة في القرآن حتى يتأكد المسلم أن ما يقوم به من الصلوات لا يختلف مع القرآن كما يدعي هؤلاء المتهوكون :
يقول الله تعالى ” حافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة : 238] “”
فنلاحظ أن القرآن ذكر صيغة الجمع وهي ” الصلوات ” وأقل الجمع ثلاثة , ثم قال بعد ذلك والصلوة الوسطى . وطبقا لرأينا فإنه لا بد من وجود اختلاف حتى يعطف القرآن , فنحن لا نقبل القول بوجود التكرار في القرآن تحت مسمى عطف العام على الخاص أو ما شابه مثل القول التكرار من أجل الأهمية والتركيز
فإذا قال الله تعالى ” حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ” علمنا أن الصلاة الوسطى ليست من هؤلاء الصلوات فهي مختلفة عنهم بشكل من الأشكال لذلك أفردت , و المشهور أن المراد من الصلاة الوسطى هو صلاة العصر ولا مانع من وصف صلاة العصر بالصلاة الوسطى فهي وسطى فعلا من حيث موقعها ولكن ما نراه نحن أن المقصود من الصلاة الوسطى هو صلاة المغرب , فهي وسطى بكل معنى ,
فهي الصلاة الوحيدة التي توسط عدد ركعاتها فاختلف عن الباقيات فهي 3 ركعات, والباقيات ركعتان وأربع ركعات , كما أنها هي الصلاة التي تتوسط بين صلاتي النهار وصلاة الليل ففي النهار الظهر والعصر وفي الليل العشاء والفجر , كما أنها هي الصلاة الوحيدة التي لها هذا الوقت القصير جدا في الأداء – حوالي ساعة فقط
لذلك استحقت من أجل هذا كله الأمر بالحفاظ عليها والإفراد في الذكر. فإذا نحن أضفنا الصلاة الوسطى إلى الصلوات أصبح العدد أربع صلوات , وهذا العدد الزوجي لا وسط له فنرتفع إلى العدد التالي له مباشرة وهو الخمس صلوات فنجد أن له وسط وهو الثلاثة فيكون أول عدد ينطبق عليه العد الحسابي هو ما نصليه فعلا .
والملاحظ أن معظم القرآنيين يقولون أن الصلاة ثلاث صلوات , فهذه الآية كافية في الرد عليهم وكثير منهم يرون أنه لا صلاة في النهار ويرون أن الصلاة ركعة أو ركعتين ونذكر آية واحدة من القرآن نرد بها عليهم جميعا :
يقول الله تعالى مخاطبا النبي المصطفى :
” وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا “
فتبدأ الآية بقوله تعالى : وإذا كنت فيهم أي في حال خوفهم وضربهم في الأرض , وهذا دليل على أن الأحكام المذكورة في الآية متعلقة بالرسول المصطفى فقط . فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك أي من الضاربين الخائفين من فتنة الكفار وليأخذوا أسلحتهم تحسبا لمعاودة القتال بسرعة , فإذا سجدوا أي المصلون معك , فليكونوا : أي باقي المؤمنين , من ورائكم : أي ورائك أنت يا محمد ومن معك .
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك : هنا نخالف السادة المفسرين حيث أنهم يقولون أن الرسول أو الإمام عامة ! يقسم الجيش إلى فرقتين أو طائفتين ونحن نقول أن الآية تقول بخلاف ذلك فالآية تقول : ولتأت طائفة أخرى ولم تقل “ولتأت الطائفة الأخرى ” ولو قالت ذلك لعلمنا أن الجيش يقسم إلى طائفتين فقط , مما يدل على أن هناك طوائف أخرى لا تزال في الجيش وهذا هو الشيء المنطقي فالرسول يقسم الجيش إلى طوائف عدة وتصلي طائفة منها فقط (أمّا أن يقسم الجيش إلى طائفتين فقط فهذا يقلل كثيرا من إمكانيات الجيش القتالية ).
إذا فالمنطوق : فلتأت طائفة أخرى لم تصل عند سجود المصلين مع النبي فيبدأوا في الصلاة مع النبي ص مع بداية الركعة الثانية . قال بعض المفسرين والفقهاء : تخرج الطائفة الأولى بعد الركعة الأولى أي أنها تسلم والنبي لا يزال قائما ! لم ينه صلاته -أي أن المأموم يتم صلاته مستقلا عن الإمام !- ثم تأتي طائفة أخرى فتبدأ الصلاة مع الإمام النبي فتصلي ركعة واحدة .
ومنطوق الآية مخالف لذلك فهي تقول ” فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى ” فلو كانت الطائفة الأولى تنه الصلاة لقال المولى عزوجل : فإذا أتموا أو أنهوا أو قضوا , المهم أنه كان سيستعمل أي لفظة تدل على نهاية الصلاة ولكن لما استعمل السجود دل ذلك على أن الطائفة الأولى لم تنه الصلاة بعد وأن الثانية ستأتي فتبدأ الصلاة مع النبي المصطفى مع بداية الركعة الثانية .
وهنا نسأل : ما هو حكم النبي المصطفى في هذه المسألة ؟ هل يعيد الصلاة لكي تصلي خلفه طائفتين آخرتين أو الطائفتين الأخر على اعتبار أن الجيش سيقسم تقسيمات زوجية أو أنه سيظل واقفا ويتم المصلون
– كما قال المفسرون – ويأتي آخرون ليصلوا خلفه الركعتين الآخيرتين بنفس الشكل الذي حدث مع الطائفتين الأولتين, باعتبار أن النبي المصطفى لم يكن مخاطبا بآية القصر السابقة لهذه الآية ؟
نقول : لا يوجد في الآية ما يدل على أي قول من هذه الأقوال ولا مرجح لأي قول منهما والقولان غريبان بعض الشيء فالقول أن النبي الإمام يظل يصلي ويخرج المأمومون فغريب جدا وكذلك القول أن النبي لم يكن من المخاطبين بصلاة السفر فبعيد , لذا فالأولى الاقتصارعلى منطوق الآيات وهو أن النبي كان يصلي ركعتين تبدأ معه طائفة في الركعة الأولى ثم تأتي طائفة أخرى فتبدأ الصلاة من الركعة الثانية ثم تتم الركعة الفائتة منفردة ويتفرغ النبي بعد ذلك للقتال أما باقي الطوائف فتصلي منفردة أو تصلي في جماعات أخرى بإمام آخر
.
وفي هذه الآية دليل واضح على أن الصلاة أكثر من ركعتين إذا قلنا أن القصر هو بمعنى حذف بعض الركعات , حيث صلى المصطفى ركعتين فلو كانت الصلاة ركعتين كما يرى بعض القرآنيين لما كان هناك قصر في الصلاة ولكانت تامة . أما بمنطوق الآية فالنبي والمؤمنون صلوا ركعتين وهذا قصر فيفهم بداهة أن الإتمام أكثر من ذلك والله أعلى وأعلم .
ونضيف هنا ردا أخذناه من أحد المنتديات :
(وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) فى الحرب لا بد ان تكون فى فترة قبل القتال اى فى انتظار القتال و هذا يكون دائما فى النهار حتى يتحقق قول المولى للمصلين وخذوا حذركم اذ كيف يأخذ المقاتل حذرة و هو لا يرى ؟ و كيف يصلى نصف الجيش و راء النبى و يسجدوا و من خلفهم النصف الثانى يحرسهم من هجمة العدو القادم الذى سيرونه بأعينهم فى حالة هجومه ! و هذا لا يمكن تصوره الا فى النهار ! و لذلك فإن صلاة الخوف المذكورة فى القرءان كانت اما ظهر او عصر حيث يمكن الرؤية .
و المشكلة كانت عند اهل الثلاث اوقات فى ان معنى طرف النهار مختلط فى اذهانهم و يعتقدون انه بعد النهار اى المغرب او قبله فجرا و كأن المعنى الوحيد للطرف هو نهاية الشىء او اخره و لذلك لزم معرفة الفرق لمعانى كلمات الطرف و الحد و الشفا والحرف
7. المعانى كالاتى:
طــرفا : اى جزءا منهم
)لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ) (آل عمران:127)
اطــراف : اى اجزاء عديدة من( النهارأو الارض )ا
)فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) (طـه:130)
)أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (الرعد:41)
طــرفي النهار: اى يقسم النهار الى طرفين فقط اى جزئين فقط
)وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود:114)
طــرفك: بمعنى اى جزء منك ( جفنك أ و ردائك )
)قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40)
طــرفهم : عيونهم لا تتحول عن المنظر
)مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ) (ابراهيم:43)
قاصرات الــطرف : اى ان عيونهم ( جزء منهم ) مقصورة على اصحابهن
)وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (الصافات:48)
من الايات عاليه يفهم ان الطرف معناه جزء و لا بد ان ينسب الى اصله مثل طرف النهار او طرف الثوب او اطراف النزاع او اطراف العقد و بالتالى فطرف النهار منسوب الى النهارفقط وليس الى المغرب و لا الفجر.
و ملحوظة هامة : ان الله لم يذكر اطراف الليل او طرفى الليل و لكنه ذكر و زلفا من الليل لماذا ؟؟
الجواب ان النهار محدد بظهورقرص الشمس كاملة كوصف و حيد للنهار أما الليل و هو وقت اختفاء قرص الشمس فيبدأ بالمغرب بعد اختفاء الشمس الى انتهاء الشفق الاحمر و هذه زلفة ثم تبدأ زلفة اخرى و هى غسق الليل حتى الخيط الاسود من الفجر و هذه زلفى اخرى ثم الخيط الابيض من الفجر قبل شروق الشمس و هذه زلفة ثالثة اى ثلاث مواقيت محددة.
و خلاصة هذا البحث هو أن طرفى النهار هما جزىء النهار و هما نصف النهار الاول و نصف النهار الثانى وهما و قت الظهر و العصر و ليسوا أى و قت خارج النهار مثل المغرب و الفجر و بذلك نطمئن الى أن عدد الصلوات خمسة كما نصليها الان و هى الفجر و الظهر و العصر و المغرب و العشاء .
تدبر الاية التى يذكر الله فيها أخر النهار اى الوقت قبل الغروب مباشرة و لم يصف هذا الجزء بطرف النهار (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (آل عمران:72)
اى انه هناك فرق بين اخر النهار و طرف النهار لكون طرف النهار بمعنى جزء من النهار.
ونشير هنا إلى الآية التي يستدل بها القرآنيون على دعواهم وهي قوله تعالى ” أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء : 78] “
حيث يقولون أن الله تعالى ذكر فيها مواقيت الصلاة وهي ثلاثة وليس خمسة , وعلى الرغم من أن الآية لم تذكر مواقيت الصلاة وإنما أتت بعد الآيات التي لامت النبي المصطفى على تفكيره في موافقة الكفار على بعض ما يقولون من أجل الدخول في الإسلام لذلك قال الله تعالى له “ ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا “ ثم تخبره عن دور الصلاة في غفران الذنوب وليست الآية معلمة بالصلاة أو شكلها فهي أيضا تتحدث عن صلاة معروفة بدليل قوله تعالى ” وقرآن الفجر ” أ
ي أن الرسول كان يصلي قبلها , ولا يقل عبقري أنه أخذ الفجر والعشاء من سورة النور حيث أن سورة النور مدنية وهذه مكية كما أن سورة النور تتحدث هي الأخرى عن الصلاة ولا تعلم بها , لذلك فنحن نسألهم من أين أتى الرسول بالفجر ؟ فهذه الآية دليل ضدكم وليس لكم .
الشاهد أن القرآنيين يقولون الآية ذكرت ثلاثة أوقات وهي المغرب والعشاء والفجر , ونحن نقول أنها ذكرت الأوقات الخمس كلها ابتداءا من الظهر إلى الفجر وهذا ما فهمه الصحابة منها ولن نذكر قول الصحابة لأنهم لا يأخذون به ولكنا سنذكر ما تقوله اللغة في هذا الباب فنقول : الدلك كما جاء في مقاييس اللغة :
الدال واللام والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على زَوالِ شيءٍ عن شيء، ولا يكون إلاَّ برِفْق. يقال دَلَكَت الشّمسُ: زالت. ويقال دَلَكَتْ غابت. والدَّلَكُ وقتُ دُلوك الشَّمس.
ومن الباب دَلَكْتُ الشَّيء، وذلك أنّك إذا فعلْتَذلك لم تكَدْ يدُك تستقرُّ على مكانٍ دُونَ مكان. والدَّلُوك: ما يتدلَّكُ به الإنسان مِن طِيبٍ وغَيره. والدَّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخَذ من زُبدٍ وتَمْرٍ شبه الثّرِيد، والمدلوك: البعير الذي قد دلَكَتْه الأسفار وكَدَّتْه. ويقال بل هو الذي في رُكْبتيه دَلَكٌ، أي رخاوة؛ وذلك أخَفُّ من الطَّرَق. ………………. وقد تأمّلْتَ في هذا الباب من أوّله إلى آخره فلا تَرَى الدّالَ مؤتلفةً مع اللام بحرفٍ ثالث إلا وهي تدلُّ على حركةٍ ومجيءٍ، وذَهابٍ وزَوَالٍ من مكانٍ إلى مكان، والله أعلم.
إذا فالدلوك مقصود منه زوال الشمس وهذا يكون ظهرا فمن المعلوم أن الزوال هو وقت الظهر . إذا فالآية تتحدث عن الظهر وليس عن المغرب !
إذا فلا حجة لهم في الآية بل هي حجة عليهم لكونها وصفا لموجود لم يذكروا لنا من أين أتى به النبي المصطفى !
ونذكر هنا الآيات التي ذكرت أوقات الصلاة في القرآن صراحة :
الظهر والعشاء والفجر : أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء : 78] “
الفجر والعشاء : “ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور : 58] “
صلاة العصر : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف : 28]
المغرب والفجر: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [الرعد : 15]
الصلوات بالنهار سواء الظهر أو العصر :و َإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ……
ومن المعلوم أن القتال في زمان النبي المصطفى ما كان إلا نهارا, فما كانت الجيوش تتقاتل إلا في وضح النهار, فتكون الآية دليل على وجود صلاة بالنهار !
الصلوات عامة :
و َأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود : 114]
فطرفي النهار هما الظهر والعصر وزلف الليل هي المغرب والعشاء والفجر وهم أقل الجمع كما استعمل القرآن , حيث استعمل في الأولى المثنى وفي الثانية الجمع .
أما أركان الصلاة من قيام وركوع وسجود فقد أشير إليها في القرآن كما قلنا لأنها وصف لمعلوم بين المسلمين كما علمهم النبي المصطفى عندما قال : صلوا كما رأيتموني أصلي .
وبهذا نكون قد أتينا على كل حجج القرآنيين في رفضهم للصلاة ووضحنا أن مستندهم في قولهم وفعلهم مستند مقلوب مخالف للمنطق وننتظر منهم الرد! وأنى لهم أن يفعلوا, والله المستعان, والسلام عليكم ورحمة الله.