إسرائيل ليس يعقوب!

Viewing 0 reply threads
  • الكاتب
    المشاركات
    • #2672

      كنت قد كتبت في عجالة في كتابي: لماذا فسروا القرآن عن هذه النقطة, وربما كان من الممكن أن أكتب عنها مستقبلا. وعلى أي حال فهذا المقال لأخ يسمي نفسه قذافي يكتب في منتدى نورماندي, وتناول فيه الموضوع بتفصيل طيب.

      الإحكام المنهجي للقرآن الكريم فيما يتعلق بأسماء الأنبياء

      ورد بالقرآن الكريم الكثير من أسماء الأنبياء والرسل.

      وعلى سبيل المثال .. فالأنبياء والرسل الذين ذكروا في القرآن بأسمائهم هم:
      محمد (صلى الله عليه وسلم) – نوح – إبراهيم – إسماعيل – إسحق – يعقوب – يوسف – الأسباط – موسى – عيسى – أيوب – يونس – هارون – سليمان – داوود – إدريس – ذا الكفل – إلياس – زكريا – يحيى – إليسع – لوط.

      {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة الأحزاب

      {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (136) سورة البقرة

      {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (163) سورة النساء

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (84) سورة الأنعام

      {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} (56) سورة مريم

      {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ } (85) سورة الأنبياء

      {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} (85) سورة الأنعام

      {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (86) سورة الأنعام
      ___________

      وصالحون آخرون ذكرهم القرآن الكريم بصفاتهم مثل:

      المرسلون إلى أصحاب القرية {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ} (13) سورة يــس

      الخضر عليه السلام {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا} (65) سورة الكهف

      الرجل الذي جاب مشارق الأرض ومغاربها {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا} (83) سورة الكهف

      أصحاب الكهف {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} (9) سورة الكهف

      سحرة فرعون {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} (70) سورة طـه

      مؤمن آل فرعون {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (28) سورة غافر
      __________________

      وهناك نساء صالحات ذكرهم الله تعالى بصفاتهن نسبة لأبنائهن أو أزواجهن

      امرأة عمران{إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (35) سورة آل عمران

      أم موسى{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (10) سورة القصص

      امرأت فرعون{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (9) سورة القصص

      زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (59) سورة الأحزاب

      أما السيدة مريمأم المسيح عليهما السلام فهي الوحيدة التي ذكرها القرآن الكريم باسمها صراحةً {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (12) سورة التحريم
      _______________________

      وهناك الصالحين الذين ذكرهم القرآن الكريم بأسمائهم مثل:

      لقمان {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13) سورة لقمان

      عمران {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (33) سورة آل عمران

      زيد {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } (37) سورة الأحزاب

      إسرائيل {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (93) سورة آل عمران
      __________

      ومن خلال تدبر آيات القرآن الكريم سنجد أن القرآن قد تعامل مع أسماء وأعلام الأنبياء بثلاثة طرق:

      الأولى:

      ذكر النبي باسم العلم فقط لا غير دون أن يكنى بصفة من صفاته.

      وذلك مثل إبراهيم عليه السلام الذي لم يذكره القرآن إلا بإبراهيم منذ أن كان فتىً صغيراً وذلك في قوله تعالى:

      {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (60) سورة الأنبياء

      وكذلك مثل يعقوب عليه السلام الذي سمَّاه الله تعالى يعقوب قبل مولده بل وقبل مولد أبيه إسحق في بشارة الملائكة لإبراهيم في قوله تعالى:

      {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود

      بل وظل يعقوب يحمل نفسه الاسم دون كنية أو صفة حتى قبيل مماته في قوله تعالى:

      {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (133) سورة البقرة

      بل والأكثر من ذلك أن يعقوب عليه السلام ظل محتفظاً باسمه يعقوب حتى بعد مماته بأجيال متعاقبة في عهد زكريا عليه السلام وذلك في قوله تعالى:

      {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (6) سورة مريم

      وغيرهم من الأنبياء الذين لم يذكرهم القرآن الكريم إلا بأعلامهم فقط في كافة المواضع دون استعمال أية كنية مثل:
      إدريس – زكريا – أيوب – يوسف – ذا الكفل … وغيرهم

      الثانية:

      ذكر النبي باسم العلم وصفة من صفاته أو كنية من كنيته , ولكن هذا يتم وفقاً للمنهجية التالية:

      أولاً : لابد وأن تدل الصفة أو الكنية على هذا النبي الكريم.

      ثانياً : يقترن كل من اسم العلم منفرداً والكنية أو الصفة منفردة بقرائن تؤكد وحدة العلم وكنيته أو صفته بيقين لا يحتمله شك ولا تأويل.

      ثالثاً : في نفس السورة إذا ذكر اسم العلم لا تذكر الكنية وإذا ذكرت الكنية لا يذكر اسم العلم.

      وعلى سبيل المثال:
      إذا أخذنا النبي إسحق عليه السلام كمثال لوجدنا أنه ذكر باسمه العلم (إسحق) في مواضع عدة في القرآن الكريم , وبصفة من صفاته (غلام عليم) في مواضع أخرى , وهذا وفقاً للمنهجية السابقة كما يلي:

      فالسور التي ذكر فيها نبي الله (إسحق) بالاسم لم يذكر فيها بعد ذلك بصفة من صفاته أو كنيته مثل السور التالية:

      {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (133) سورة البقرة

      {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (84) سورة آل عمران

      {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (163) سورة النساء

      {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (84) سورة الأنعام

      {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} (38) سورة يوسف

      {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} (39) سورة إبراهيم

      {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (49) سورة مريم

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} (72) سورة الأنبياء

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } (27) سورة العنكبوت

      {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} (112) سورة الصافات

      فكافة السور السابقة وهي (البقرة – آل عمران – النساء – الأنعام – هود – يوسف – إبراهيم – مريم – الأنبياء – العنكبوت – الصافات) ذكر فيها إسحق عليه السلام باسمه العلم (إسحق) فقط لا غير دون الإشارة إليه بأي صفة من صفاته أو كنية من كنيته في أي موضع آخر من تلك الصور.

      ولكن في نفس الوقت سنجد أن وصف القرآن إسحق عليه السلام بالغلام العليم قد ورد في الآيات التالية:

      {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} (53) سورة الحجر

      {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ } (28) سورة الذاريات

      فوصف إسحق عليه السلام بأنه (غلام عليم) ورد في سورتي الحجر والذاريات , ولم يرد في أي موضع من مواضع تلك السور ذكره باسمه العلم (إسحق).

      وكذلك لوجدنا أن الآية التي ذكرته بالغلام العليم قد حفت بها قرائن تؤكد بيقين لا يشوبه شك أن هذا الغلام العليم هو إسحق عليه السلام وليس أحد غيره.

      فبمقارنة الآيات التي ورد فيها ذكر بشارة الملائكة لإبراهيم عليه السلام وزوجه قبيل الذهاب لقوم لوط بالغلام العليم في سورتي الذاريات والحجر , مع الآية التي وردت في سورة هود عن بشارة الملائكة لإبراهيم وزوجه قبيل الذهاب لقوم لوط بإسحق , سيتأكد لنا أن الغلام العليم هو إسحق وليس أحد غيره.
      ________
      وكذلك إذا أخذنا نبي الله يونس عليه السلام كمثال , لوجدنا أن القرآن الكريم قد تحدث عنه باسمه العلم (يونس) وبكنيتين من كنيته وهما (صاحب الحوت – ذا النون)

      فأما عن ذكره اسم العلم يونس:

      {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (163) سورة النساء

      {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (86) سورة الأنعام

      {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (98) سورة يونس

      {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (139) سورة الصافات

      وأما عن صاحب الحوت:

      {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (48) سورة القلم

      {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (87) سورة الأنبياء

      وبتطبيق المنهجية السابقة على ما ورد بشأن نبي الله يونس عليه السلام وكنيتيه لوجدنا ما يلي:

      أولاً : السور التي ورد فيها اسم العلم (يونس) وهي (النساء – الأنعام – يونس – الصافات) لم يرد في أي موضع آخر منها أياًَ من كنيتيه (صاحب الحوت) و (ذا النون).

      ثانياً : السورة التي ذكرت فيها إحدى كنيتيه (صاحب الحوت) وهي (سورة القلم) لم يرد في أي موضع آخر منها اسم العلم (يونس) أو الكنية الأخرى (ذا النون).

      ثالثاً : السورة التي ذكرت فيها الكنية الأخرى (ذا النون) وهي (سورة الأنبياء) لم يرد في أي موضع آخر منها اسم العلم (يونس) أو الكنية الأخرى (صاحب الحوت)

      رابعاً : حف ذكر اسم العلم (يونس) وكنيتيه (صاحب الحوت) و (ذا النون) في القرآن الكريم بقرائن تؤكد بيقين لا يشوبه شك أنهم شخص واحد وذلك في وصفه يونس عليه السلام في سورة الصافات في قوله تعالى:

      وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)

      فنجد القرائن التي تحف بيونس عليه السلام هنا هي:
      1- الفلك
      2- الحوت
      3- التسبيح
      4- النجاة والنبذ في العراء
      5- الاجتباء والإرسال

      وإذا نظرنا إلى الآية التي ورد فيها ذكر صاحب الحوت في قوله تعالى في سورة القلم:

      فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)

      فنجد القرائن التي تحف بصاحب الحوت هنا:
      1- الحوت
      2- الضجر واليأس (مكظوم)
      3- التسبيح
      4- النبذ في العراء
      5- الاجتباء

      وإذا نظرنا للآية التي ورد فيها ذكر ذا النون في سورة الأنبياء:

      وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)

      فنجد القرائن التي تحف بذي النون هنا:
      1- الحوت (النون)
      2- الضجر والغضب (مغاضباً)
      3- التسبيح (النداء في الظلمات)
      4- النجاة والاجتباء

      وبوضع هذه الآيات بجوار بعضها بعضاً لاستطعت القول مصيباً غير مخطئ أنها جميعها تشير إلى نفس الشخص بيقين لا يشوبه شك , ودون الحاجة إلى أي إثبات أو دليل من السنة المطهرة والأحاديث المشرفة التي تتحدث عن يونس بن متى صاحب الحوت وذي النون.
      _____________
      الثالثة:

      ذكر النبي باسمين علم وليس اسماً واحداً.
      وهذا لم يحدث إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فقط لا غير.
      حيث أنه ذكر بالكنية في موضع , وباسم محمد في مواضع , وباسم أحمد في موضع آخر.

      ولكن هذا تم في القرآن الكريم وفقاً لنفس المنهجية السابقة تماماً كالتالي:

      فقد ذكر بكنيته النبي الأمي مرتين في سورة الأعراف:

      الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)

      قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)

      ولم يذكر في سورة الأعراف أي اسم من أسمائه العلم (محمد – أحمد) في أي موضع منها.

      وذكر الرسول عليه الصلاة والسلام باسمه العلم (محمد) في المواضع التالية:

      {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران

      {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة الأحزاب

      {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} (2) سورة محمد

      {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتح

      ولم يذكر في أي من السور السابقة (آل عمران – الأحزاب – محمد – الفتح) أية كنية أخرى من كنيته في أي موضع آخر من مواضع تلك السور.

      أما اسم العلم (أحمد) فلم يذكر إلا مرة واحدة في سورة مريم.

      {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} (6) سورة الصف

      ولم يأت في أي موضع آخر في سورة مريم ذكر لاسم العلم (محمد) أو كنية أخرى للرسول عليه الصلاة والسلام.
      ______
      بل وحف اسم العلم أحمد و محمد بقرائن تدل على انهما شخص واحد بحيث لا يستطيع أحد القول بأنهما شخصان مختلفات وذلك في قوله تعالى:

      {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف

      وكذلك الحديث الصحيح الصريح للرسول عليه الصلاة والسلام الذي لم يضعفه أحد والذي يقول فيه أنه ليس بينه وبين ابن مريم رسول.
      وهذا يعني أن أحمد هو محمد.

      كما أن اسمي العلم أحمد و محمد مشتقان من نفس الجذر (ح – م – د).
      ___________
      وبالتالي نستنتج مما سبق أن ورود اسم العلم لنبي مع كنيته في نفس السورة يخالف منهاج القرآن الكريم في التعامل مع أسماء الأنبياء.

      وورد كذلك أن أي نبي ليس له إلا اسم علم واحد فقط لا غير باستثناء الرسول عليه الصلاة والسلام (مع الوضع في الاعتبار أن اسمي العلم أحمد ومحمد من نفس الجذر (ح – م – د)
      ________

      فإذا أردنا تطبيق منهجية القرآن الكريم السابق ذكرها في التعامل مع أسماء الأنبياء فيما يتعلق بكل من يعقوب وإسرائيل لوجدنا التالي:


      أولاً:

      سنجد أن ذكر “إسرائيل” منفرداً لم يأت في القرآن الكريم سوى مرتين فقط لا غير , الأولى في سورة آل عمران و الثانية في سورة مريم كما يلي:

      {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (93) سورة آل عمران

      {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} (58) سورة مريم

      والغريب أننا لو نظرنا لكل سورة من هاتين السورتين اللتين ذكر فيهما اسم “إسرائيل” منفرداً لوجدنا أن كل سورة منهم اشتملت كذلك على اسم “يعقوب” هو الآخر منفرداً ومقترناً بإبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم السلام كما يلي بيانه:

      ففي سورة آل عمران

      سنجد أنه تم ذكر يعقوب عليه السلام كأحد النبيين بالآية رقم 84 مقترناً بإبراهيم وإسحق ويعقوب والأسباط وباقي النبيين كواحد منهم , ولا توجد أدنى إشارة إلى أنه هو إسرائيل وذلك في قوله تعالى:

      {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (84) سورة آل عمران

      بل وفي نفس السورة سنجد أن إسم “إسرائيل” قد ورد هو أيضاً بعده بالآية رقم 93 مخالفاً بذلك منهجية القرآن الكريم في التعامل مع أعلام الأنبياء – في حالة افتراض أنهما شخصاً واحداً – والتي ذكرتها بالتفصيل والإثبات بعدم تناول نفس السورة لاسم النبي وكنيته أو صفته بحيث إذا حوت سورة اسم العلم لنبي لا تذكر فيها كنيته أو صفته , وإذا حوت السورة كنيته لا تذكر فيها صفته أو اسمه وذلك في قوله تعالى:

      {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (93) سورة آل عمران
      ________________
      وفي سورة مريم:

      سنجد أن ما حدث في سورة آل عمرن قد تكرر في سورة مريم وكأن الله تعالى يوجه رسالة لأولي الألباب بأن يعقوب وإسرائيل ليسا شخصاً واحداً.
      فسنجد أنه قد ورد اسم “يعقوب” مرتين بسورة مريم في قوله تعالى:

      {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (6) سورة مريم

      {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (49) سورة مريم

      ثم ورد بعد ذلك اسم “إسرائيل” مرة واحدة بنفس السورة مخالفاً بذلك منهجية القرآن الكريم في التعامل مع أعلام الأنبياء – في حالة افتراض أنهما شخصاً واحداً – والتي ذكرتها بالتفصيل والإثبات بعدم تناول نفس السورة لاسم النبي وكنيته أو صفته بحيث إذا حوت سورة اسم العلم لنبي لا تذكر فيها كنيته أو صفته , وإذا حوت السورة كنيته لا تذكر فيها صفته أو اسمه , وذلك في قوله تعالى:

      {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} (58) سورة مريم

      بل والغريب أننا سنجد أن الموقف الذي تناول “إسرائيل” متعلق بأمر لم يذكر عن يعقوب عليه السلام أبداً في أي ذكر له بالقرآن الكريم ألا وهو تحريم أنواع معينة من الطعام على نفسه , واتباع أبنائه له في هذا التحريم.
      ومن صفات النبي هو عدم تحريم أي أمر على نفسه من تلقاء نفسه لأنه نبي موحى إليه من الله تعالى.

      وقد عاتب الله سبحانه وتعالى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في موقف يتعلق بزواجه في آيات الذكر الحكيم في قوله تعالى:

      {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1) سورة التحريم

      ثانياً:
      إذا نظرنا للموقف الذي ذكر فيه يعقوب كأحد الأنبياء في هذه السورة مقترناً بإبراهيم وإسحق , سنجد في كل مواضع القرآن الكريم من أوله لآخره أن النبي الذي ذكر مقروناً بإبراهيم وإسحق والأسباط هو يعقوب عليه السلام فقط لا غير وليس إسرائيل وذلك في قوله تعالى بالآيات الكريمة:

      {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (132) سورة البقرة

      {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (133) سورة البقرة

      {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (136) سورة البقرة

      {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (140) سورة البقرة

      {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (84) سورة آل عمران

      {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (163) سورة النساء

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (84) سورة الأنعام

      {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود

      {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (6) سورة يوسف

      {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} (38) سورة يوسف

      {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (49) سورة مريم

      {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} (72) سورة الأنبياء
      ____________
      فهل يعقل أن يكون إسرائيل هو يعقوب في نفس الوقت الذي لم يذكر فيه إسرائيل ولا مرة واحدة في أي آية من الآيات السابقة كابن لإسحق وحفيد لإبراهيم عليهم السلام ؟؟؟!!!

      هل يعقل أن نعتبر أن كل من يعقوب وإسرائيل شخصاً واحداً في الوقت الذي لم يذكر فيه القرآن الكريم آية واحدة يقول فيها: إبراهيم وإسحق وإسرائيل والأسباط ؟؟

      وفي الوقت الذي لم يرد ذكر اسم “إسرائيل” ولو مرة واحدة في سورة يوسف بدلاً من يعقوب ؟؟

      وفي الوقت الذي لم يذكر فيه القرآن الكريم من أوله لآخره قرينة واحدة يمكن من خلالها الربط بين يعقوب وإسرائيل ؟؟

      هل هذا يعقل يا أولي الألباب ؟؟
      ____________

      ثالثاً:

      وإذا نظرنا للمواضع التي ذكر فيها إسرائيل سواء كان منفرداً أو من خلال مخاطبة بني إسرائيل لوجدناها ما يلي:

      {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (40) سورة البقرة

      {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (47) سورة البقرة

      {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ} (83) سورة البقرة

      {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (122) سورة البقرة

      {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (211) سورة البقرة

      {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (246) سورة البقرة

      {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (49) سورة آل عمران

      {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (93) سورة آل عمران

      {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (32) سورة المائدة

      {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} (70) سورة المائدة

      {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة

      {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (78) سورة المائدة

      {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} (110) سورة المائدة

      {حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (105) سورة الأعراف

      {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (90) سورة يونس

      {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (93) سورة يونس

      {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً} (2) سورة الإسراء

      {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} (4) سورة الإسراء

      {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} (101) سورة الإسراء

      {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} (104) سورة الإسراء

      {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} (58) سورة مريم

      {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (47) سورة طـه

      {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (80) سورة طـه

      {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} (94) سورة طـه

      {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } (17) سورة الشعراء

      {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (22) سورة الشعراء

      {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} (59) سورة الشعراء
      ____________________
      فهل يعقل أن يكون إسرائيل هو يعقوب في نفس الوقت الذي لم يذكر فيه يعقوب ولا مرة واحدة في أي آية من الآيات السابقة التي تخاطب بني إسرائيل على لسان موسى أو عيسى بقولها يا بني يعقوب ولو لمرة واحدة ؟؟؟!!!

      هل يعقل أن نعتبر أن كل من يعقوب وإسرائيل شخصاً واحداً في الوقت الذي لم يذكر فيه القرآن الكريم آية واحدة موجهة كخطاب من الله تعالى لبني إسرائيل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيها: يا بني يعقوب ؟؟

      وفي الوقت الذي لم يذكر فيه القرآن الكريم من أوله لآخره قرينة واحدة يمكن من خلالها الربط بين يعقوب وإسرائيل ؟؟

      هل هذا يعقل يا أولي الألباب يا أصحاب البصيرة ؟؟

      رابعاً:

      لم يرد نص واحد في القرآن الكريم يذكر إسرائيل على أنه نبي.
      بل أن النص الذي ورد فيه تحريم إسرائيل الطعام على نفسه يشير إلى أنه ليس بنبي.
      لأن النبي لا يملك أن يحرم أو يحلل من تلقاء نفسه.
      ولأن يعقوب عليه السلامكان يتبع ملة إبراهيم حنيفاً التي بها ما هو حلال وما هو حرام ولم يكن بحاجة إلى أن يحلل أو يحرم.

      ولم يحدث وأن تم إدراج “إسرائيل” كواحد من الأنبياء ومعطوفاً عليهم مثل يعقوب عليه السلام , ,الآية رقم 58 التي وردت بسورة مريم لم يذكر فيها إسرائيل كنبي وإنما كرأس ذرية لبعض الأنبياء الذين ذكروا في أول السورة مثله في ذلك مثل من حمل الله تعالى مع نوح.
      فلم يقل أحد أن من حملهم الله تعالى مع نوح كانوا أنبياء !!

      ولا يوجد نص واحد في القرآن الكريم ورد على لسان كل أنبياء بني إسرائيل بدءاً من موسى وكل نبي جاء بعده حتى عيسى عليه السلام يخاطب بني إسرائيل إلا بقوله يا بني إسرائيل , ولم يحدث وأن خاطبهم أحد بقوله يا بني يعقوب ولو لمرة واحدة !!

      بل أننا سنجد عكس ذلك تماماً في سورة يوسف , فنجد أنه لا يوجد أي ذكر مطلقاً لإسرائيل في هذه الآية , بل أن يعقوب علي السلام لم يسم نفسه بإسرائيل في حديثه لابنه يوسف في قوله تعالى:

      {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (6) سورة يوسف

      وكذلك يوسف عليه السلام أشار إلى آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب ولم يقل إسرائيل في حديثه لصاحبي السجن وذلك في قوله تعالى:

      {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} (38) سورة يوسف

      بل أننا سنجد أن أول ذكر لبني إسرائيل في القرآن الكريم تاريخياً كان في كلام الله تعالى لموسى عليه السلام في قوله تعالى:

      {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (47) سورة طـه

      ولم يرد لبني إسرائيل في القرآن الكريم من الناحية التاريخية أي ذكر قبل ذلك إلا وهم في مصر يذوقون ويلات العذاب من آل فرعون.

      لم يذكر أي شيء عن إسرائيل في عهد يعقوب ولا يوسف مطلقاً.

      فهل يعقل بعد كل ذلك أن ندعي أن إسرائيل هو يعقوب يا أولي الألباب ؟؟

      بل وهل يعقل ألا يشير موسى أو عيسى إلى إبراهيم أو إسحق أو يعقوب مطلقاً كما كان يفعل يوسف عليه السلام إذا فرضنا أن يعقوب وإسرائيل شخصاً واحداً ؟؟
      __________

      نعود الآن ليعقوب عليه السلام ونطرح التساؤلات التالية:
      1)من الذي أسماه “يعقوب” ؟؟
      2)ومتى تمت التسمية ؟؟
      3)وما دلالة اسم “يعقوب”
      4)وهل تغير اسمه قبل مماته أو بعده ؟؟

      والحقيقة أن القرآن الكريم يجيب على كافة الأسئلة السابقة بإجابات صريحة شافية تختلف عن تلك الإجابات التي وردت بأساطير سفر التكوين بالعهد القديم كما يلي بيانه:

      الرواية التي ذكرت بسفر التكوين عن مولد يعقوب بالترجمة العربية المشتركة هي:

      مولد عيسو ويعقوب
      19وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ إِسْحقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. أَنْجَبَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحقَ. 20وَكَانَ إِسْحقُ فِي الأَرْبَعِينَ مِنْ عُمْرِهِ عِنْدَمَا تَزَوَّجَ رِفْقَةَ بِنْتَ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ مِنْ سَهْلِ أَرَامَ، وَأُخْتَ لاَبَانَ الأَرَامِيِّ. 21وَصَلَّى إِسْحقُ إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِ امْرَأَتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَاقِراً، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ، فَحَمَلَتْ رِفْقَةُ زَوْجَتُهُ. 22وَإِذْ تَصَارَعَ الطِّفْلاَنِ فِي بَطْنِهَا قَالَتْ: «إِنْ كَانَ الأَمْرُهَكَذَا فَمَا لِي وَالْحَبَلُ؟» وَمَضَتْ لِتَسْتَفْهِمَ مِنَ الرَّبِّ 23فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: «فِي أَحْشَائِكِ أُمَّتَانِ، يَتَفَرَّعُ مِنْهُمَا شَعْبَانِ. شَعْبٌ يَسْتَقْوِي عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ».
      24وَعِنْدَمَا اكْتَمَلَتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ إِذَا فِي أَحْشَائِهَا تَوْأَمَانِ. 25فَخَرَجَ الأَوَّلُ مَكْسُوّاً بِالشَّعْرِ وَكَأَنَّهُ يَرْتَدِي فَرْوَةً حَمْرَاءَ، فَدَعَوْهُ عِيسُو (وَمَعْنَاهُ أَشْعَرُ). 26ثُمَّ خَرَجَ أَخُوهُ وَيَدُهُ قَابِضَةٌ عَلَى عَقِبِ عِيسُو فَدَعَوْهُ يَعْقُوبَ (وَمَعَنَاهُ مُتَعَقِّبٌ). وَكَانَ إِسْحقُ فِي السِّتِّينَ مِنْ عُمْرِهِ عِنْدَمَا أَنْجَبَتْهُمَا لَهُ رِفْقَةُ.

      ويتضح من الرواية السابقة في جملة:

      26ثُمَّ خَرَجَ أَخُوهُ وَيَدُهُ قَابِضَةٌ عَلَى عَقِبِ عِيسُو فَدَعَوْهُ يَعْقُوبَ (وَمَعَنَاهُ مُتَعَقِّبٌ).

      أن الذي أطلق عليه اسم يعقوب هم مجهولون غير معروفي الهوية , فقد تكون القابلة (الداية) أو مجموعة من النسوة اللاتي حضرن ولادته أو أي شخص آخر.

      أما تسميته باسم “يعقوب” وفقاً للرواية السابقة فقد كان بعد مولده.

      أما مناسبة التسمية في رأي كاتب سفر التكوين فلأنه خرج من رحم أمه قابضاً بيده على عقب عيسو فدعوه يعقوب.

      أما بخصوص تغيير اسمه , فذكر سفر التكوين تلك الرواية التي تتحدث عن صراع يعقوب مع الله وتسميته بإسرائيل كما يلي:

      يعقوب يصارع في فنيئيل
      22ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَصَحِبَ مَعَهُ زَوْجَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ، وَعَبَرَ بِهِمْ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ، 23وَلَمَّا أَجَازَهُمْ وَكُلَّ مَا لَهُ عَبْرَ الْوَادِي، 24وَبَقِيَ وَحْدَهُ، صَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. 25وَعِنْدَمَا رَأَى أَنَّهُ لَمْ يَتَغَلَّبْ عَلَى يَعْقُوبَ، ضَرَبَهُ عَلَى حُقِّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ مِفْصَلُ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ لَهُ: «أَطْلِقْنِي، فَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «لاَ أُطْلِقُكَ حَتَّى تُبَارِكَنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ إِسْرَائِيلَ (وَمَعْنَاهُ: يُجَاهِدُ مَعَ اللهِ)، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». 29فَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.
      30وَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ فَنِيئِيلَ (وَمَعْنَاهُ: وَجْهُ اللهِ) إِذْ قَالَ: «لأَنِّي شَاهَدْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَبَقِيتُ حَيّاً». 31وَمَا إِنْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ حَتَّى أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَسَارَ وَهُوَ عَارِجٌ مِنْ فَخْذِهِ 32لِذَلِكَ يَمْتَنِعُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنْ أَكْلِ عِرْقِ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخْذِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، لأَنَّ الرَّجُلَ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا.

      وأعتقد أن تلك الرواية البلهاء السابقة ليست بحاجة إلى تعقيب !
      ________
      أما بخصوص ما ورد بالقرآن الكريم.

      فالذي أسماه يعقوب هو الله تعالى وليس شخص آخر سواء كانت القابلة أو أولئك النسوة المجهولين الذين شهدوا ولادة يعقوب وفقاً للرواية التوراتية , وذلك في قوله تعالى:

      {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود
      ________________
      أما عن بدء التسمية فقد كانت قبل مولد أبيه إسحق عندما جاءت الملائكة بالبشارة لإبراهيم عليه السلام , وليس بعد مولده كما ذكرت الرواية التوراتية.
      ________________
      أما عن دلالة اسم يعقوب عليه السلام فهو اسم بلسان عربي باللغة الآرامية من الجذر (ع ق ب) يعني “يلي” , وقد جاءت مناسبته لأنه عقب أباه إسحق وليس لأنه كان يضم كفه على عقب أخيه عيسو كما ذكرت الرواية التوراتية , وذلك في قوله تعالي:

      {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (71) سورة هود

      ومن الواضح والجلي أن جملة (ومن وراء) توضح وتفسر معنى (يعقوب) التي تشير إلى أنه سيعقب أبوه النبي إسحق.
      ________________
      أما عن استمرارية اسم يعقوب , فقد أثبت القرآن الكريم أن يعقوب عليهالسلام ظل محتفظاً باسمه “يعقوب” طيلة حياته حتى حضره الموت , بل وظل محتفظاً باسمه حتى بعد وفاته بأجيال في عهد زكريا عليه السلام.
      ولم يذكر القرآن الكريم أية رواية تتعلق بتغيير اسم يعقوب عليه السلام وذلك في قوله تعالى:

      {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (133) سورة البقرة

      {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} (5) {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (6) سورة مريم

      والمثير للغرابة أن كاتب سفر التكوين على الرغم من إقحامه تلك الرواية المتعلقة بصراع يعقوب مع الله وتسميته إسرائيل بدلاً من يعقوب , إلا أنه ظل يستعمل اسم يعقوب طيلة سفر التكوين حتى مماته وذلك كما ورد عن دفن يعقوب كالتالي:

      دفن يعقوب في كنعان
      4وَبَعْدَمَا انْقَضَتْ أَيَّامُ النُّوَاحِ عَلَيْهِ، قَالَ يُوسُفُ لأَهْلِ بَيْتِ فِرْعَوْنَ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكُمْ، فَتَكَلَّمُوا فِي مَسَامِعِ فِرْعَوْنَ قَائِلِينَ: 5لَقَدِ اسْتَحْلَفَنِي أَبِي وَقَالَ: أَنَا مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ، فَادْفِنِّي فِي الْقَبْرِ الَّذِي حَفَرْتُهُ لِنَفْسِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، فَاسْمَحْ لِيَ الآنَ بِأَنْ أَمْضِيَ لأَدْفِنَ أَبِي ثُمَّ أَعُودَ». 6فَقَالَ فِرْعَوْنُ: «امْضِ وَادْفِنْ أَبَاكَ كَمَا اسْتَحْلَفَكَ».
      7فَانْطَلَقَ يُوسُفُ لِيَدْفِنَ أَبَاهُ، وَرَافَقَتْهُ حَاشِيَةُ فِرْعَوْنَ مِنْ أَعْيَانِ بَيْتِهِ وَوُجَهَاءِ مِصْرَ، 8وَكَذَلِكَ أَهْلُ بَيْتِهِ وَإِخْوَتُهُ وَأَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ. وَلَمْ يُخَلِّفُوا وَرَاءَهُمْ فِي أَرْضِ جَاسَانَ سِوَى صِغَارِهِمْ وَغَنَمِهِمْ وَقُطْعَانِهِمْ. 9وَصَاحَبَتْهُ أَيْضاً مَرْكَبَاتٌ وَفُرْسَانٌ، فَكَانُوا مَوْكِباً عَظِيماً. 10وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى بَيْدَرِ أَطَادَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ أَقَامَ يُوسُفُ لأَبِيهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً مَرِيرَةً نَاحُوا فِيهَا عَلَيْهِ طَوَالَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ 11وَعِنْدَمَا شَاهَدَ الْكَنْعَانِيُّونَ السَّاكِنُونَ هُنَاكَ الْمَنَاحَةَ فِي بَيْدَرِ أَطَادَ قَالُوا: «هَذِهِ مَنَاحَةٌ هَائِلَةٌ لِلْمَصْرِيِّينَ». وَسَمُّوا الْمَكَانَ الَّذِي فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ «آبِلَ مِصْرَايِمَ» (وَمَعْنَاهُ: مَنَاحَةُ الْمِصْرِيِّينَ). 12وَنَفَّذَ أَبْنَاءُ يَعْقُوبَ وَصِيَّةَ أَبِيهِمْ، 13فَنَقَلُوهُ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ وَدَفَنُوهُ فِي مَغَارَةِ حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ مُقَابِلَ مَمْرَا الَّتِي اشْتَرَاهَا إِبْرَاهِيمُ مَعَ الْحَقْلِ مِنْ عِفْرُونَ الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ مَدْفَناً خَاصّاً.
      14وَبَعْدَ أَنْ دَفَنَ يُوسُفُ أَبَاهُ، رَجَعَ هُوَ وَإِخْوَتُهُ وَسَائِرُ الَّذِينَ رَافَقُوهُ إِلَى مِصْرَ.
      _____________
      نستنتج مما سبق أن اسم يعقوب في القرآن الكريم له مقامه الكريم بعكس مقامه في الرواية التوراتية.

      1)فالذي أسماه هو الله تعالى وليست القابلة أو شخصيات مجهولة.
      2)وتمت تسميته قبل مولد أبيه إسحق وليس بعد مولده.
      3)ودلالة الاسم هي عقبه لأبيه النبي إسحق , وليس لأنه كان يقبض بيده على عقب أخيه التوأم عيسو.
      4)وظل اسم “يعقوب” مصاحباً له طيلة حياته حتى حضره الموت , وحتى بعد مماته بأجيال متعاقبة في عهد زكريا عليه السلام.

      فهل يعقل أن يسمي الله تعالى بنفسه يعقوب باسمه , ثم يغيره باسم آخر ؟؟

      مع العلم أنه كما ذكرت سالفاً أنه لا يوجد نبي في القرآن الكريم سمي باسمين علم مختلفين في الجذر والشكل.
      فما بالنا إذا كان اسمه قد تم قبل مولده من قبل الله تعالى ؟؟
      ___________
      الإخوة الكرام
      كل ذكرته حتى الآن ما هو إلا مجرد مقدمة

      يقول الله في كتابه العزيز بسورة مريم:
      أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)

      والحقيقة أن تفسير هذه الآية الكريمة ينجلي من خلال خمسة مباحث كالتالي بيانه:

      المبحث الأول:

      لو تمعنا النظر في هذه الآية الكريمة لوجدناها تبدأ بقوله تعالى (أولئك الذين أنعم الله عليهم ..)
      وهذا كان يقتضي منا البحث أولاً وقبل كل شيء في سياق الآية عن المقصودين بأداة الإشارة (أولئك) لمعرفة الشخصيات التي تعنيها الآية الكريمة أولاً.

      فبالبحث في سورة مريم من أولها سنجد أن كافة من ورد ذكرهم هم بالترتيب:

      1.زكريا
      2.يحيى
      3.مريم (أخت هارون)
      4.عيسى
      5.إبراهيم
      6.إسحق
      7.يعقوب
      8.موسى
      9.هارون (أخو موسى)
      10.إسماعيل
      11.إدريس

      أي أن سورة مريم تحدثت قبل ورود الآية رقم 58 عن إحدى عشر شخصية هي ما ورد ذكرهم بالقائمة العليا بالترتيب وتم التعبير عنهم بجملة (أولئك الذين أنعم الله عليهم …)
      وهذه الشخصيات يوجد بها يعقوب وليس بها إسرائيل.
      وسنعود لتلك القائمة لاحقاً ونستند إليها بمشيئة الله تعالى.
      __________________
      المبحث الثاني:

      الواقع أن الخلط الذي وقع فيه البعض بخصوص أن نص الآية الذي ورد فيه (ذرية إبراهيم وإسرائيل) لا تعني ذرية إبراهيم وذرية إسرائيل وإنما تعني أن إسرائيل من ذرية إبراهيم وأن المقصود بهذا النص هو ذريتهما معاً مردود عليه من خلال قواد البيان في اللغة العربية وإثبات ذلك من القرآن الكريم.

      القاعدة الأولى:
      عند استعمال اسم مضاف أو فعل مع مجموعة من الأسماء المفردة الذين يشتركون فيه , فيمكن استعمال الاسم المضاف أو الفعل مع أول اسم مفرد فقط مع عطف باقي الأسماء المفردة على المفرد الأول دون الحاجة لاستعمال الاسم المضاف أو الفعل مع كل مفرد على حدة.

      وعلى سبيل المثال:
      بفرض أني أتحدث عن ثلاثة أشخاص قابلتهم وهم : (الأول – الثاني – الثالث).
      فيمكن القول : قابلت الأول والثاني والثالث.
      ويمكن القول : قابلت الأول وقابلت الثاني وقابلت الثالث (على سبيل التوكيد).
      فكلا الجملتين يؤدي نفس المعنى.

      القاعدة الثانية:
      في حالة ما إذا كان أحد الأسماء ليس مفرداً وإنما مركباً من مضاف ومضاف إليه.
      فإذا كان الاسم المركب معطوفاً على المفرد فيعطف كما هو دون الحاجة لتكرار الاسم المضاف أو الفعل الذي يشترك فيه الجميع.
      أما في حالة العطف على الاسم المركب فيجب إعادة استعمال الاسم المضاف أو الفعل المشترك قبل العطف على الاسم المركب.

      وعلى سبيل المثال:
      بفرض أني أتحدث عن ثلاثة وهم (الأول – الثاني – أبناء الثالث).
      حيث أن (أبناء الثالث) في هذه الحالة هو الاسم المركب.

      فيمكن القول: قابلت الأول والثاني وأولاد الثالث.
      وهي تؤدي نفس معنى: قابلت الأول وقابلت الثاني وقابلت أولاد الثالث.

      أما في حالة ما إذا كان الثلاثة هم (الأول – أولاد الثاني – الثالث).

      فلا يجوز القول : قابلت الأول وأبناء الثاني والثالث.
      لأن المعنى هنا سيختلف ويصبح المضاف في الاسم المركب الثاني يدخل في الاسم الثالث.
      فيصبح المعنى الجديد هنا وكأننا نقول : قابلت الأول وقابلت أبناء الثاني وقابلت أبناء الثالث.

      وبالتالي فالصحيح هنا أن نقول : قابلت الأول وأبناء الثاني وقابلت الثالث.
      فهنا يستقيم المعنى ويعبر بدقة عن المعنى المقصود وهو : قابلت الأول وقابلت أبناء الثاني وقابلت الثالث.

      وبتطبيق هاتين القاعدتين على تلك الآية الكريمة بسورة مريم لوجدنا التالي:

      الاسم المضاف المشترك هو الحار والمجرور في قوله (من ذرية)

      الأربعة الذين تم عطفهم على بعضهم البعض هم:
      آدم (اسم مفرد)
      ممن حملنا مع نوح (جملة مركبة من اسم العلم والمنسوب إليه)
      إبراهيم (اسم مفرد)
      إسرائيل (اسم مفرد)

      ولنترك المعطوف الخامس (ممن هدينا واجتبينا) جانباً الآن لنعود له في النهاية.

      فأصل المعنى المقصود في الآية الكريمة هو :
      من ذرية آدم , ومن ذرية ممن حملنا مع نوح , ومن ذرية إبراهيم , ومن ذرية إسرائيل.
      وحيث أن اسم (آدم) مفرد , جاز عطف ما بعده عليه دون تكرار استعمال (ومن ذرية) وذلك في قوله تعالى:
      مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ

      وحيث أن (ممن حملنا مع نوح) مركب من الاسم العلم المفرد (نوح) والمنسوب إليه (ممن حملنا معه) اقتضى ذلك إعادة استعمال (ومن ذرية) ثانيةً قبل العطف على من بعده , وذلك في قوله تعالى:
      وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ

      وعدم إعادة استعمال (ومن ذرية) في أول الجملة سيؤدي إلى أن يصبح المعنى هو : ومن ذرية ممن حملنا مع نوح ومن ذرية ممن حملنا مع إبراهيم ومن ذرية ممن حملنا مع إسرائيل , وذلك لأن جملة (وممن حملنا) ستصبح بمثابة العامل المشترك الجديد.

      وحيث أن اسم (إسرائيل) مفرد فقد تم عطفه على اسم (إبراهيم) مباشرة دون الاضطرار إلى إقحام (ومن ذرية) وذلك في قوله تعالى:
      وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ
      __________________
      المبحث الثالث:

      المعطوف الأخير في الآية الكريمة (وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) في واقع الأمر ليس معطوفاً على إسرائيل وإنما هو معطوف علىجملة (مِنَ النَّبِيِّينَ) في أول الآية , حيث أن أصل الآية الكريمة هو:

      أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ …… وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا …… (58)

      وذلك مثلما هو في قوله تعالى في سورة البقرة:

      {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (102) سورة البقرة

      فجملة (وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) هي في واقع الأمر معطوفة على جملة (مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) وليس على (السحر).
      وذلك وفقاً لتفسير الإمام بن حجر العسقلاني.
      وكأن الآية الكريمة تقول :

      {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ….. وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ….. وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (102) سورة البقرة

      وكذلك في سورة مريم سنجد أن المعطوف عليه في بداية الآية (من النبيين) ورد بشأنه تفصيل بعده , ثم جاء المعطوف في نهاية الآية (ممن هدينا واجتبينا) وورد بعده هو أيضاً تفصيل بعده.
      _______________

      وسأستكمل شرح وتفسير الآية الكريمة بمشيئة الله تعاى , حيث أن الآية لم ينته تفسيرها بعد ولا يزال بها كنوز.

      ولكن أود أن أنوه أن استكمال شرح الآية الكريمة لن يتم إلا من خلال طرح موضوع آخر منفصل (ويعتبر بحث آخر) بعنوان: طوفان نوح

      وهذا البحث سيتم من خلال الاستناد إليه استكمال شرح الآية الكريمة.

      فهذه الآية الكريمة التي فسرها البعض في جملتين ما كان ينبغي المرور عليها هكذا دون تدبر ولا تروي.
      وهي تثبت إثباتاً قاطعاً أن إسرائيل ويعقوب شخصان مختلفان تماماً كما سنرى بمشيئة الله تعالى.

      وإذا نظرنا للآيات الكريمة التي تناولت ذرية الأنبياء لوجدنا ما يلي:

      فقد ورد بقوله تعالى بسورة الأنعام:
      وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87)

      وورد بقوله تعالى في سورة الإسراء:
      وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)

      فذرية نوح من النبيين (والتي تشمل نسل الأبناء والبنات) تشمل:
      داوود – سليمان – أيوب – يوسف – موسى – هارون – زكريا – يحيى – عيسى – إلياس – إسماعيل – إليسع – يونس – لوط.

      ونلاحظ من الآيات السابقة ما يلي:

      دخول إسماعيل عليه السلام في ذرية نوح على الرغم من عدم دخول كل من أبيه إبراهيم وأخيه إسحق , وهذا دليل على أن السيدة هاجر أم إسماعيل هي التي من نسل نوح عليه السلام من جهة أبيها أو أمها أو الاثنين معاً حيث أن كل من إبراهيم وسارة زوجته ووالدة إسحق ليسا من نسل نوح.

      دخول يوسف عليه السلام في ذرية نوح على الرغم من عدم دخول أبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب , وهذا دليل على أن أم يوسف عليه السلام هي التي من ذرية نوح عليه السلام سواء كان من جهة أبيها أو أمها أو الاثنين معاً.

      داوود دخل في ذرية نوح ودخل تبعاً لذلك ابنه سليمان . وكذلك زكريا ويحيى عليهما السلام , وكون زكريا عليه السلام أبو يحيى من ذرية نوح فلا يقتضي ذلك حتمية أن تكون أم يحيى وخالة السيدة مريم هي أيضاً من ذرية نوح , فكونها من ذرية نوح أو خارجها لن يغير من أمر زكريا ويحيى شيء.

      دخول عيسى بن مريم في ذرية نوح يعني أن أمه مريم ابنة عمران من ذرية نوح , وهذا بدوره يعني أنه إما أن يكون عمران من ذرية نوح أو أن تكون امرأة عمران أم مريم وأخت زوجة زكريا هي التي من ذرية نوح , أو أن يكون الاثنان معاً من ذرية نوح.

      موسى وهارون من ذرية نوح , ويذكر القرآن الكريم أن هارون نادى أخاه موسى بقوله يا ابن أم , ,وهي قد تشير إلى كونهما إخوة من الأم , أو على الأقل أنهما من أم واحدة.
      وفي هذه الحالة لابد وأن تكون أم موسى وهارون من ذرية نوح وليس الأب لما ورد عن موسى عليه السلام وحده دون هارون في سورة الإسراء بأنه ذرية من حملنا مع نوح.
      وهذا يعني أن أبو موسى – والذي قد لا يكون هو أبو هارون – هو من ذرية من حملنا مع نوح , وأمه وأم هارون الثابت ذكرها بالقرآن الكريم هي من ذرية نوح.

      مريم أم عيسى ليست من النبيين ولكنها من الذين اجتباهم الله تعالى وهداهم وذلك وفقاً لما ذكره المولى عز وجل في محكم آياته:
      وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)

      إدريس عليه السلام هو النبي الوحيد الذي سبق نوح عليه السلام وفقاً لما جاء بالروايات والحديث الصحيح.

      الآيات القرآنية أخرجت إبراهيم عليه السلام من ذرية نوح , ولم تذكر أنه ذرية من حملنا مع نوح مثلما ذكرت مع موسى عليه السلام مما قد يشير إلى أن إبراهيم عليه السلام من ذرية من لم يصبهم طوفان نوح.

      قد يفهم من الآية رقم 58 بسورة مريم أن إبراهيم عليه السلام وكذلك إسرائيل من ذرية ممن حملنا مع نوح مثل موسى في حالة ما إذا كان اسمهم على رأس الذرية لا يشملهم.

      ذكر ذرية إسرائيل معطوفة على ذرية إبراهيم دلالة واضحة على كون كل من إبراهيم وإسرائيل من ذرية مختلفة , وكذلك على ان يعقوب ليس هو إسرائيل لأن يعقوب عليه السلام لم يذكر في القرآن الكريم أبداً معطوفاً على إبراهيم عليه السلام إلا في وجود إسحق.
      فما بالنا بالذرية ؟؟

      وعلى هذا فيكون تقسيم الأنبياء وفقاً للأصناف الخمسة ما يلي:

      من ذرية آدم تشير إلى: (إدريس) لأنه قبل نوح وقبل الطوفان.

      من ذرية ممن حملنا مع نوح تشير إلى: (موسى) … وقد تشير إلى كل من إبراهيم وإسرائيل كذلك.

      من ذرية إبراهيم تشير إلى: (إبراهيم – إسماعيل – إسحق – يعقوب)

      من ذرية إسرائيل تشير إلى: (زكريا – يحيى – عيسى – هارون)

      من هدينا واجتبينا تشير إلى: (مريم).
      _______________
      ولكن هل يعقل أن نفترض أن إسرائيل و يعقوب شخص واحد , ثم نفترض أن تأتي تتحدث عن يعقوب كواحد من النبيين الذين هم من نسل إسرائيل ؟؟

      هل هذا يعقل ؟؟

      أود أن أنوه أن البحث لم يكتمل بعد , فلا تزال لدي براهين تؤكد أن إسرائيل ويعقوب شخصان مختلفان.

      ومن ضمن هذه الأدلة قوله تعالى في سورة النساء التي يتحدث فيها عن بني إسرايل وحسدهم للعرب والرسول عليه الصلاة والسلام في الآيات:

      أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51)
      أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)

      فالآيات الكريمة في البداية تتحدث عن بني إسرائيل بوصفهم الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ويؤمنون بالجبت والطاغوت , ويقولون على كفار قريش بأنهم أهدى من أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم سبيلا.

      ثم تخبرنا الآيات الكريمة بلعنة الله تعالى عليهم.

      أما في الآية رقم 54 فتتحدث عن حسد بني إسرائيل لآل إبراهيم على ما أتاهم الله تعالى من فضل النبوة وذلك في تفسير الآية كالتالي:

      أم يحسدون :
      المقصود بها بني إسرائيل وفقاً لسياق الآيات.

      الناس :
      أجمع جمهور المفسرين على أن المقصود بالناس هم الرسول عليه الصلاة والسلام والعرب , وإن كان تفسير (الناس) قد ورد بالجزء الثاني من الآية وهو أنه يشمل كل آل إبراهيم عليه السلام وليس قاصراً على آل إسماعيل فقط لا غير.

      على ما أتاهم الله من فضله :
      ويفسر الجزء الثاني من الآية المقصود بالفضل وهو الكتاب والحكمة والنبوة (مثلما ذكر الرازي) ولكن على آل إبراهيم جميعهم سواء كان في فرع إسماعيل أو فرع إسحق ويعقوب , وليس العرب فقط المتمثلين في فرع إسماعيل دون إسحق.

      فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة:
      وآل إبراهيم تشمل فرع إسماعيل الذي أتى منه الرسول صلى الله عليه وسلم , وكذلك فرع إسحق ومن ورائه يعقوب.
      والفضل هنا يتضح في الكتاب والحكمة والنبوة والعلم.

      وآيتناهم ملكاً عظيما :
      ضمير الغائب (هم) تعود على بني إسرائيل التي بدأت الآيات الكريمة بالحديث عنهم بصيغة الغائب.
      والمقصود بالملك العظيم هو ملك سليمان الذي دعا ربه قائلاً :{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (35) سورة ص

      ونلاحظ بالآية السابقة أن الله تعالى فرق تماماً بين آل إبراهيم الذين يشملون إسماعيل وإسحق ويعقوب , وبين بني إسرائيل , ولم يدخل بني إسرائيل ضمن آل إبراهيم.

      فالآية لا تتحدث عن مجرد الحسد فقط , بل الحسد والجحود بنعمة الله تعالى بأن آتاهم ملكاً عظيما.

      وأعتقد أنه ليس بعد هذه دلالة تؤكد أن إسرائيل ويعقوب ليسا شخصاً واحداً.

      نبدأ الآن المرحلة التالية وهي:

      أصل الكذبة في العهد القديم , ودوافعها , والدليل على أن يعقوب ليس هو إسرائيل من كتابهم نفسه

Viewing 0 reply threads
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.